The Truth - Online الحقيقة أون لاين ... رؤية جديدة لتعرف أكثر
تعلن إدارة منتدى أي دو عن حاجتها إلى مشرفي منتديات فعلى الراغبين في التقدم والإنتساب إلى مجموعة المشرفين مراسلة إدارة المنتدى على البريد الإلكتروني In-life@live.com مع تحيات فريق عمل منتدى أي دو



أهلا ً وسهلا ً بكم
نتمنى أن تقضو معنا أجمل الأوقات وأن تحصلو على أقصى فائدة

في
i doي دو ... رؤية جديدة لتعشق التطور... i do - We love evolution


إدارة المنتدى

The Truth - Online الحقيقة أون لاين ... رؤية جديدة لتعرف أكثر
تعلن إدارة منتدى أي دو عن حاجتها إلى مشرفي منتديات فعلى الراغبين في التقدم والإنتساب إلى مجموعة المشرفين مراسلة إدارة المنتدى على البريد الإلكتروني In-life@live.com مع تحيات فريق عمل منتدى أي دو



أهلا ً وسهلا ً بكم
نتمنى أن تقضو معنا أجمل الأوقات وأن تحصلو على أقصى فائدة

في
i doي دو ... رؤية جديدة لتعشق التطور... i do - We love evolution


إدارة المنتدى

The Truth - Online الحقيقة أون لاين ... رؤية جديدة لتعرف أكثر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


The Truth - Online
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  إتصل بناإتصل بنا  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
لإضافة إعلانات مجانية أرسل الإعلان إلى البريد الإلكتروني : in-life@live.com
تعلن إدارة المنتدى عن حاجتها إلى مشرفين لمراسلتنا In-life@live.com

 

 الحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hacker
مشرف أمن المنتدى
hacker


ذكر عدد المساهمات : 28
عدد النقاط : 10684
بطاقات الشكر : 2
تاريخ الميلاد : 08/04/1968
تاريخ التسجيل : 12/05/2010
العمر : 56

الحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: الحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية   الحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية Untifd11الأحد مايو 23, 2010 5:52 am

الحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية




ورقة مقدمة لمؤتمر الخدمات المالية الإسلامية الثاني






إعداد
أ. د. عبد المجيد الصلاحين










المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وسار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الصناعة المالية الإسلامية هي السمة البارزة لفقه المعاملات الإسلامية الشرعية في هذا العصر نظراً لما تمثله هذه الصناعة المالية، من تأكيد عملي تطبيقي لصلاحية الشريعة لكل زمان ومكان وقدرتها الفائقة على إيجاد الحلول الناجحة والناجعة لما تواجهه البشرية من تحديات وأزمات، وعدم عجزها عن مسايرة أي مدىً يبلغه ركب الحضارة الإسلامية ،وقد تأكدت مصداقية الصناعة المالية الإسلامية بشكل لا يقبل الشك والجدل بعد الانهيار المروع الذي اجتاح سوق الصيرفة العالمي والذي كان بمثابة زلزال اقتصادي ومالي لا تزال توابعه الزلزالية تتوالى حتى أيامنا هذه. إن نجاة المؤسسات المالية الإسلامية من هذا الزلزال وتوابعه وعدم تأثرها المباشر به قد لفت الأنظار بقوة إلى الاقتصاد الإسلامي والصيرفة الإسلامية منه على وجه الخصوص، وأبرز كنه هذا الاقتصاد وحقيقته وأنه اقتصاد عيني سلعي له أصول ثابتة وليس اقتصاداً ورقياً رقمياً، كما هو الاقتصاد الرأسمالي.
وفي ظل تقزم الاقتصاد العيني وتعملق الاقتصاد الرقمي على الصعيد العالمي برزت الصناعة المالية الإسلامية وأخذت تستقطب الاهتمام الدولي بعد أن كان ينظر إليها لدى الأوساط غير المنصفة بأنها صناعة متواضعة وبدائية ومتخلفة، إن حجم أصول الصناعة المالية الإسلامية والذي تعدى التريليون دولار رغم حداثة التجربة المصرفية الإسلامية له من الأدلة الواضحة على ظلم التصنيف لدى بعض الأوساط العالمية للمؤسسات المالية الإسلامية.
وحتى تحافظ المؤسسات المالية الإسلامية على مكتسباتها ومنجزاتها وحتى تقدم البديل المقنع للمؤسسات التقليدية فلابد أن تعمل على اكتساب أكبر قدر ممكن من الثقة والمصداقية وأن تتمتع بقدر كبير من الشفافية التي تؤهلها لمواصلة انطلاقاتها نحو آفاق رحبة من التقدم وتحقيق أكبر قدر ممكن من القوة والرفاه والرخاء للمجتمعات الإسلامية، ولكي تكون البديل المقنع للصناعة المالية التقليدية القائمة على الربا والمقامرة والمضاربة، والتي لا تقوم على أساس ثابت وتتضاءل قدرتها على امتلاك الأصول العينية السلعية التي يمكن أن تلجأ إليها في وقت الأزمات. وحتى تحقق الصناعة المالية هذا كله فلابد لها من أن توجه جزءاً كبيراً من اهتمامها للحوكمة، وتطبيق معاييرها والعمل بمبادئها في الجوانب الشرعية والمالية والإدارية والفنية المهنية بما يستتبع ذلك من نزاهة وشفافية، وما يتولد عن ذلك كله من أنماط رقابية وتدقيق وإفصاح، حيث إن المؤسسات المالية الإسلامية لا تقل عن المؤسسات المالية التقليدية من حيث حاجتها إلى الحوكمة حتى لا تكون إضافتها إلى الإسلام مجرد دثار تدثر به وشعار ترفعه لتستقطب من خلاله ثقة المسلمين واطمئنانهم ومع الثقة والاطمئنان مدخراتهم.
إن الحوكمة السليمة والصحيحة في جوانبها الشرعية والإدارية هي بمثابة صمام الأمان الذي يحفظ المؤسسات المالية الإسلامية من الهزات ويحفظ عليها قدرتها على المنافسة في سوق الصيرفة العالمي وقدرتها كذلك على استدراج أموال المودعين واستقطابها من أجل أن تقوم بدورها المأمول في التنمية الاقتصادية في المجتمعات الإسلامية.
إن الحوكمة لا تتجسد في مجرد معايير ومبادئ وآليات رقابية وتدقيقه، وإنما هي استثمار حقيقي للمؤسسات التي تقبل الدخول تحت مظلتها وتعمل بقناعة وشفافية مبادئها ومعاييرها لتصبح الحوكمة في تلك المؤسسات ثقافة إدارية وسلوكية وليست مجرد نصوص صماء. وبالرغم من الحداثة النسبية لمصطلح الحوكمة إلا أن مضامينه وأفكاره ربما سبقت ظهور هذا المصطلح بوقت كبير، تلك الأفكار والمضامين التي أخذت تتبلور شيئاً فشيئاً بعد ظهور هذا المصطلح لكي تصبح أطراً ومعايير قادرة على إنتاج الآليات الرقابية وصولاً إلى تحقيق التوازن المطلوب بين مصالح الأطراف ذات العلاقة بالمنشأة الاقتصادية أو المالية، ولذا فإن من أهم الصعوبات التي واجهت الباحث وتواجه غيره من الباحثين والمختصين في هذا المجال إنما يتمثل في قلة الأدبيات التي تنبثق عن هذا المصطلح والموضحة والمنظرة له نظراً للحداثة النسبية لدخول هذا المصطلح إلى معجم المصطلحات المالية والاقتصادية، هذه القلة والندرة في أدبيات الحوكمة تبدو أكثر وضوحاً في الحوكمة المتعلقة بالمؤسسات المالية الإسلامية مقارنة بنظيراتها المؤسسات المالية التقليدية ومن هنا فقد اضطر الباحث إلى ملاحقة هذه النتف والمتفرقات في أدبيات الحوكمة الإسلامية ليخرج منها ببحث يأمل أن يكون إسهاما متواضعاً في رفد الصناعة المالية الإسلامية في هذا الجانب المهم من جوانبها.
ولقد جاء هذا البحث في ستة مباحث عرض الباحث في أولها لمفهوم الحوكمة، وأفرد ثانيها لنشأة الحوكمة وأهدافها ومجالاتها، في حين خصص ثالثها للحديث عن مشروعية الحوكمة، وعالج في رابعها أثر الحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية، ورصد في خامسها أوجه الاتفاق والافتراق بين الحوكمة في المؤسسات المالية التقليدية ونظيراتها الإسلامية وأودع في سادسها رؤيته بتطوير الحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية، ثم ختم الباحث بحثه بخاتمة أودعها أهم النتائج والتوصيات التي خلص إليها من دراسته.
والباحث إذ يقرر هذا فإنه لا يزعم أن بحثه قد بلغ درجة الكمال أو قاربها، بل يعيد تكرار القول بأنه محاولة متواضعة للإسهام في هذا المجال يرجو خيرها وأنها جهد المقل فما فيها من خير وصواب فمن الله فهو الهادي إليه والمعين عليه والموفق له، وما فيها من خطأ فمن الباحث يرجو من ربه مغفرته بل ويطمع في أجره رجاء دخوله في قول النبي-صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإذا اجتهد فأصاب فله أجران).


والله الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
























المبحث الأول:
مفهوم الحوكمة.

لابد وقبل الولوج إلى الحديث عن الحوكمة في جوانبها القانونية والاقتصادية ومبادئها العامة من تحديد مفهوم للحوكمة باعتبارها مصطلحاً حديثاً نسبياً وغير خاضع لمقاييس العربية في الاشتقاق، وذلك من خلال المطالب التالية:

المطلب الأول: الحوكمة في اللغة.
إذا يمم الباحث وجهه شطر معاجم اللغة بغية تلمس معنى الحوكمة، فإن مادة(حَكَمَ) في تلك المعاجم لا تلبث أن تطالعه بالمعاني التالية:
1. المنع، فيقال حكمت فلاناً، أي منعته،ومنها حكمة الدابة وهو ما يوضع على فم الدابة لمنعها من إلتهام ما لا يريد لها راكبها أن تلتهمه1
2.القضاء2: حيث يطلق الحكم ويراد به القضاء من ذلك قوله تعالى: (فاحكم بينهم بما أنزل الله)3 أي اقضي بينهم بحكم الله4، والحكام هم القضاة، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام)5 أي إلى القضاة6
3.الحكمة: وهو وضع الشيء المناسب في المكان المناسب7، كما دل على ذلك قولـه تعالى: (آتيناه الحكمة وفصل الخطاب)8،وقوله سبحانه وتعالى: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)9،وقوله عليه الصلاة والسلام: ( ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يعلمه ويقضي بها)10
4.الحَكَمُ: والحكم من نصبه القاضي للحكم بين الناس ومحاولة الإصلاح بينهم،ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما)11
5.والحكم سياسة الناس بما يصلحهم12، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله)13 وكذلك قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)14

المطلب الثاني: الحوكمة في الاصطلاح.
الحوكمة هي اشتقاق غير قياسي، لأنه ليس بجارٍ على قواعد اللغة العربية في اشتقاق المصادر، فليس مصدر (فوعله) من المصادر القياسية الجارية على نسق اللغة،ومع ذلك فهي قضية اصطلاحية عند أهل الاقتصاد والإدارة ،وما دامت قضية اصطلاحية فإنه لا مشاحة في الإصطلاح، علماً بأن بعض الكتاب في أدبيات الحوكمة قد استخدم ألفاظاً أخرى للتعبير عن هذا المصطلح المترجم عن الإنجليزية كمصطلح الحكمانية15،وكذلك مصطلح الحاكمية 16 علماً بان المصطلح الأخير غالباً ما يتداول في الأدبيات الفكرية والسياسية، ولأرباب الإدارة والاقتصاد في تعريف الحوكمة جملة من التعريفات، نذكر منها:

1.تعريف بنك التسويات الدولية:
الذي عرف الحوكمة بأنها الأساليب التي تدار بها المصارف من خلال مجلس الإدارة والإدارة العليا والتي تحدد كيفية وضع أهداف البنك والتشغيل وحماية مصالح حملة الأسهم وأصحاب المصالح، مع الالتزام بالعمل وفقا للقوانين والنظم السائدة وبما يحقق حماية مصالح المودعين .17 وواضح من التعريف أنه تناول الحوكمة في المصارف مع أن الحوكمة هي نمط من أنماط الرقابة الإدارية أو الرقابة الذاتية التي تطبقها الشركات عموماً سواءً أكانت تلك الشركات مصارف أو مؤسسات مالية أو شركات عقارية أو غيرها، كما أن التعريف قصر الحوكمة على الأساليب الإدارية التي تنتهجها مجالس الإدارة العليا، ومعلوم أن الحوكمة هي نمط إداري لابد أن يطبع الإدارة كلها من أصغر موظف في الهرم الإداري إلى المدير العام أو رئيس مجلس الإدارة.

2. وعرفت الحوكمة بأنها:
مجموعة القواعد والنظم والإجراءات التي تحقق أفضل حماية وتوازن بين مصالح إدارة الشركة من ناحية وحملة الأسهم وأصحاب المصالح من ناحية أخرى.18
وبالرغم من أن هذا التعريف أوجز من سابقه مما يتسق وطبيعة التعريف إلا أنه قد وقع فيما وقع فيه سابقه من قصر الحوكمة على مجلس الإدارة وعلاقته بالمودعين أو حملة الأسهم، ولذا فإن الباحث سيحاول أن يعرف الحوكمة: بأنها مجموعة القواعد والنظم والآليات التي تضبط سير الإدارات المختلفة للشركة أو المنشأة أو المؤسسة وصولاً إلى تحقيق حماية أفضل لمصالح منسوبي الشركة وحملة أسهمها من خلال إحداث التوازن المطلوب بين تلك المصالح بما يحقق قدراً مناسباً من الموضوعية والشفافية، وقد تلافي هذا التعريف قصر الحوكمة على بعض الهياكل الإدارية دون بعض كما تلافي قصرها على المؤسسات المالية دون غيرها من الشركات أو المؤسسات أو المنشآت في الوقت الذي أشار فيه هذا التعريف إلى أهم سمات الحوكمة وأهدافها،ويمكن استنباط أهم عناصر الحوكمة من خلال التعريفات المتقدمة وغيرها مما يضيق المجال عن ذكره هنا، وأهم هذه العناصر تتمثل في:19
مجموعة من الأنظمة الخاصة بالرقابة على أداء الشركات.
تنظيم للعلاقات بين مجلس الإدارة والمديرين والمساهمين وأصحاب المصالح.
التأكيد على أن الشركات يجب أن تدار لصالح المساهمين.
مجموعة من القواعد يتم بموجبها إدارة الشركات والرقابة عليها وفق هيكل معين يتضمن توزيع الحقوق والواجبات فيما بين المشاركين في إدارة الشركة مثل مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين والمساهمين.

المطلب الثالث: العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:

بالرغم مما سبقت الإشارة إليه من أن الحوكمة هي لفظة غير قياسية في أنساق الاشتقاق العربي إلا أنها رغم هذا كله قد اختزلت في ثناياها جل معاني الحوكمة اللغوية فهي تمنع من التصرفات والمخالفات التي تضر بالعلاقة المتوازنة بين أطراف المؤسسات أو الشركات أو المنشآت كما أن فيها معنى الحكم والتحكيم، حيث يتم الاحتكام في الحوكمة إلى منظومة من القوانين والأعراف الإدارية القادرة على ضبط إيقاع المؤسسة أو المنشأة أو الشركة بحيث يبدو هذا الإيقاع متناغماً مع القواعد والنظم والأعراف الإدارية المرعية في مواضيع الحوكمة ومفرداتها، كما أن معنى الحكمة ليس ببعيد عن الحوكمة في إطلاقها الاصطلاحي، لأن تحكيم النظم والأعراف والقوانين الإدارية الموصلة إلى الشفافية والإفصاح،ومن الحكمة بمكان لما ينتجه هذا التحكيم من رفع لسوية الإنتاج في أبعاده الفنية والإدارية والسيكولوجية الأمر الذي ينعكس بدوره على رفع السوية الإنتاجية للشركة أو المنشأة أو المؤسسة الخاضعة لمنطق الحوكمة ومقتضياتها الإدارية.
























المبحث الثاني:
نشأة الحوكمة وأهدافها ومجالها:

المطلب الأول: نشأة الحوكمة وتطورها.
شهد العقد الأخير من القرن الماضي البدايات الحقيقية للحديث عن الحوكمة،وذلك بعد تفجر الكثير من القضايا التي طفت على السطح وظهرت فيها التجاوزات الإدارية والمالية، وقد كشفت هذه الأزمات والانهيارات عن أنماط من الفساد المالي والإداري جعل الحديث عن الحوكمة يحظى بأهمية خاصة20، ومن أخطر تلك القضايا الأزمة المالية الخانقة التي عصفت مع منتصف تسعينيات القرن الماضي، بالاقتصاديات المتقدمة فيما كان يعرف بنمور آسيا.21 تلك الأزمة التي كشفت عن كثير من التجاوزات المالية والإدارية المتمثلة في علاقات ومصالح متبادلة بين الموظفين وأقاربهم ولجوء الشركات الكبرى إلى استدانة أموال طائلة وإخفاء تلك الديون عن العملاء وحملة الأسهم مما كان يشكل في حينه أزمة ثقة بين إدارات تلك الشركات والمتعاملين معها من العملاء وحملة الأسهم 22. ومن القضايا الكبرى التي طفت على السطح في تلك الفترة وشكلت بدايات وإرهاصات الحوكمة في مفهومها الحالي وما عرف في حينه بأزمة بنك التجارة والاعتماد الدولي، حيث شكل انهيار هذا البنك صدمة عنيفة للأوساط المالية والمصرفية بما مثله هذا الانهيار من أزمة ثقة ومصداقية كانت تعصف بذلك البنك.
وعلى المستوى الدولي تبنى الاهتمام بمبادئ ومعايير الحوكمة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ( ومقرها باريس) وأصدرت مجموعة من المبادئ والمعايير التي تعزز التزام المؤسسات بتطبيق متطلبات الحوكمة، وقد تم اعتمادها من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عام 1999م. من أهم تلك المبادئ: توفير الحماية للمساهمين والمعاملة المتساوية بينهم وتأكيد احترام حقوق أصحاب المصالح والحفاظ عليها،وتحقيق الإفصاح والشفافية في جميع الأمور المالية والإدارية ،ووضع خطة إستراتيجية للشركة والمراقبة الفاعلة لأداء الإدارة والتأكيد على مسؤولية مجلس الإدارة تجاه الشركة والمساهمين.23
كما تبنت لجنة بازل معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للحوكمة وأصدرت وثيقة في سبتمبر 1999 حول "تعزيز الحوكمة في المنظمات المصرفية" تضمنت مجموعة من المبادئ ، من أهمها : الحد من الأنشطة والعلاقات التي تقلل كفاءة الحوكمة، ومنها تضارب المصالح والإقراض بشروط ميسرة ،وإرساء أهداف إستراتيجية داخل المنظمة المصرفية وتطبيق مبدأ "التطلع نحو التفوق" وضمان تأهيل أعضاء مجلس الإدارة، وأن يكون لديهم فهم واضح لدورهم في الحوكمة ،وتأسيس لجان متخصصة مثل (لجنة إدارة المخاطر، ولجنة المراجعة)24

المطلب الثاني: أهداف الحوكمة.
إن الأهداف التي تسعى الحوكمة إلى تحقيقها تكسبها الأهمية البالغة لعظم تلك الأهداف ومشروعيتها وأهميتها، وقد ذكر الباحثون جملة متنوعة من أهداف الحوكمة يمكن للباحث تلخيصها فيما يلي:25
1.تحقيق الشفافية المطلوبة لإدامة الشركات والمؤسسات المالية وتمكينها من القيام بأنشطتها الاستثمارية في إطار من النزاهة والموضوعية والاحتراف، إذ تضفي الحوكمة نمطاً من ثقافة الشفافية والوضوح بحيث يصبح ذلك النمط مهيمناً على السلوك الإداري والوظيفي لمنسوبي تلك المؤسسات.
2.زيادة الثقة في الشركات والمؤسسات التي تطبق معايير الحوكمة وتحتكم إلى قواعدها ومبادئها وآلياتها،لأن الاحتكام إلى تلك القواعد والمبادئ والآليات يشيع جواً من الثقة في الشركة ولوائحها وأنشطتها.
3.يضبط العلاقات الإدارية بين الأطراف ذات العلاقة في الشركات والمؤسسات، والمتمثلة في مجالس الإدارة وحملة الأسهم والأقسام والهياكل الإدارية المتفرعة عن جسم الشركة الرئيس إلى غير هؤلاء ممن تهمهم أنشطة الشركة واستثماراتها، بعد إحداث التوازن بين المصالح التي قد تبدو متعارضة بين أطراف العمليات الإنتاجية أو الاستثمارية التي تمارسها تلك المؤسسات بحيث يتم رعاية جميع المصالح وحمايتها دون أن تتغول بعض المصالح على بعض.
4.العمل على جذب الاستثمارات واستقطابها فإن الشركة أو المؤسسة التي تطبق قواعد الحوكمة ومعاييرها تكون أقدر من غيرها على جذب الاستثمارات لما تشيعه من الثقة والمصداقية في تعاملاتها، الأمر الذي يولد بدوره طمأنينة تجاه تلك الشركة وأنشطتها وممارساتها.
5.زيادة تنافسية الشركة التي تطبق معايير الحوكمة وتمكينها من الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من السوق في مجال أنشطتها، لأن الحوكمة تعمل على رفع سوية الشركة وبالتالي زيادة قدرتها على المنافسة، الأمر الذي يستتبع في الغالب زيادة حصتها في السوق.
6.مكافحة الفساد المالي والإداري في تلك الشركات من خلال تطبيق مبادئ الإفصاح والشفافية وكذلك من خلال تطبيق وتفعيل نظم الرقابة المالية والإدارية، تلك القواعد وتلك النظم التي يؤدي تطبيقها إلى تقليل الفساد وتحجيمه فوق ما يؤدي إليه من تقليل الأخطاء والانحرافات سواءً كانت تلك الأخطاء متعمدة أو غير متعمدة.
7.حماية أموال المساهمين عبر توفير معلومات صحيحة وشفافة عن أنشطة الشركة والوضع المالي له بما يمكن المساهمين الحاليين والمتوقعين من اتخاذ قراراتهم بناءاً على ما يظهر من الوضع المالي لتلك الشركات أو المؤسسات.
8.منع قيام مجلس الإدارة من الإضرار بمصالح المساهمين من خلال تحديد صلاحيات محددة لهم بحيث لا تؤدي تصرفاتهم إلى الإضرار بالأطراف الأخرى ذات العلاقة بأنشطة الشركة كالعملاء والدائنين أو المقرضين أو غيرهم.
9.تدعيم الشركات والمؤسسات المطبقة لمعايير الحوكمة لمراكزها المالية عبر تحقيق معدلات عالية من الربحية مما يساهم في تقوية المركز المالي للشركة ويجعلها أكثر قدرة وقابلية على التطور وتوسيع مجال وحقل أنشطتها.

المطلب الثالث: مجال الحوكمة.
إن مجال الحوكمة لا يقتصر على الأطراف ذات العلاقة والذين تربطهم علاقات تعاقدية بل إن أثر الحوكمة يمتد إلى أولئك الذين يتأثرون بالأنشطة الاستثمارية أو الائتمانية للمنشأة الاقتصادية، وبناءاً على ذلك فإن مجال الحوكمة ينتظم:
أ. المؤسسات المالية:
تعد المؤسسات المالية سواءٌ أكانت مصارف أو صناديق استثمارية أو محافظ استثمارية أو مؤسسات تمويل غير مصرفية وكذلك شركات الوساطة المالية من أرز الجهات المحتاجة إلى الدخول تحت مظلة الحوكمة وإعمال مبادئها ومعاييرها، وفي ذلك يقول الدكتور جمعة محمد الرقيبي: (الحوكمة السليمة تعتبر مهمة أكثر في المؤسسات المالية عن غيرها من المؤسسات الأخرى لأنها مؤسسات تعتمد على أموال الغير في تحقيق أرباح للملاك وهذا الغير يعتمد على الطبيعة الائتمانية لهذه المؤسسات. ومن هنا تبرز أهمية الحوكمة وتطبيقاتها في المؤسسات المصرفية من الطبيعة الائتمانية لهذه المؤسسات. أي بمعنى المؤسسة المالية مؤسسة ائتمانية توفر الأمان وهي مستأمنة على أصول كل المستثمرين، وهي بذلك ملزمة بأن تعمل لمصلحتهم عندما تحتفظ أو تستثمر أو تتصرف بممتلكاتهم ولا تعمل لمصلحة المساهمين فقط، إن هذا مهم خصوصاً في المؤسسات المصرفية حيث يكون حجم عدم تماثل المعلومات أكبر من المؤسسات الأخرى. إنه لمن الصعوبة بمكان على الأطراف الخارجية أن تراقب أو تقييم مدراء المصارف، بالإضافة إلى قدرتهم(المدراء) على التأثير على مجلس الإدارة، وتعديل تركيبة مخاطر الأصول أو إخفاء معلومات عن جودة الأصول.) 26 والمؤسسات المالية والتي تعتبر أكثر المنشآت الاقتصادية حاجة إلى الحوكمة تنقسم إلى :
1.مؤسسات مالية تقليدية: وهي تلك المؤسسات التي لا تحتكم إلى أحكام الشريعة ولا تتعاطى بصيغ التمويل الإسلامي وإنما تحتكم إلى الفوائد الربوية، وبعض الخدمات الأخرى التي يدخلها الربا بصورة أو بأخرى، وهذه المؤسسات محتاجة إلى الحوكمة وإلى قدر كبير من الشفافية والإفصاح، وهي أكثر المؤسسات المالية حاجة إلى الحوكمة نظراً لغياب الوازع الديني في الغالب والذي يمكن أن يكون بمثابة الكابح لشهوة الاستشراف للمال والتطلع للكسب السريع على حساب الأمانة والإنصاف، و لعل ما عانته بعض أكبر هذه المؤسسات المالية من انهيارات واختلاسات كثيرة يوضح مدى حاجة تلك المؤسسات للحوكمة بمبادئها ومعاييرها المختلفة.
2.المؤسسات المالية الإسلامية: وهي تلك المؤسسات التي تحتكم إلى أحكام الشريعة وتتعاطى بصيغ التمويل الإسلامية المختلفة27، وهذه المؤسسات ليست مستغنية عن الحوكمة بل هي بحاجة إليها وإن كانت داخلة تحت مظلة التمويل الإسلامي ومتعاطية بصيغه المختلفة، خلافاً للاعتقاد السائد المتمثل في عدم أو قلة حاجة تلك المؤسسات للحوكمة لما تحتكم إليه من قواعد أخلاقية، وهذا ما يؤكده الدكتور جمعة الرقيبي، حيث يقول: (ويعتقد بعض المفكرين المسلمين أن المؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية محصنة من نقائص مشكلة الوكالة بما يصاحبها من حب المصلحة الشخصية على حساب مصلحة الأطراف الأخرى ذات العلاقة، إذ يدعون أن هذه المؤسسات لديها إحكام أفضل بسبب الواعز الديني والأدبي الذي يدفع الإدارة والملاك بأن يتصرفوا بشكل أخلاقي، إلا أن الالتزام الديني للمديرين والملاك لا يمكن أن يعتبر وحده دون وجود الضوابط المناسبة ضمان كاف لحماية مصالح الأطراف الأخرى . والمؤسسات المالية التي تقدم خدمات مالية أسلامية ليست استثناءا من هذا فالمؤسسات المالية الإسلامية هي الأخرى عرضة لأن تعاني من اختراق المسئوليات الأستئمانية وعرضة لعدم تماثل المعلومات )28
ب. الشركات الأخرى ذات الأغراض الاستثمارية المختلفة:
وهذه الشركات أيضاً محتاجة إلى الحوكمة وإن بدرجة أقل من المؤسسات المالية ذات الأغراض الائتمانية والتي تقوم فكرتها على استقطاب المدخرات من قبل المدخرين والمودعين وإعادة ضخها في المجتمع من قبل المتمولين سواء أكان ذلك للأغراض الاستهلاكية أو الاستثمارية. إن شركات المساهمة العامة هي أكثر الشركات ذات الأغراض الاستثمارية المختلفة حاجة للحوكمة، لأن فكرة تلك الشركات قائمة هي الأخرى على استقطاب المدخرات عبر طرح الأسهم للاكتتاب العام ولعظم الشرائح التي يستهدفها هذا الاستكتاب ولأن المساهمين يأتمنون مجالس الإدارة والمدراء التنفيذيين وكافة الهياكل الإدارية لتلك الشركات على تثمير أموالهم وتنميتها تطلعاً إلى الوصول إلى عوائد مجزية تبرر حجم المخاطرة التي ينطوي عليها الاستثمار عبر الاكتتاب في شركات المساهمة العامة.
إن الحرص الذي يسود في الغالب الأنشطة الاستثمارية للشركات الشخصية أو العائلية أو المساهمة المحدودة قد لا يوجد نظير له في شركات المساهمة العامة لأن المال في النوع الأول من الشركات غالباً ما يكون لمؤسسي الشركة أو لأقربائهم أو لمعارفهم، بخلافه في شركات المساهمة العامة والذي يكون جله في الغالب من المساهمين عبر الاكتتاب العام. وأياً كان الأمر فإن جميع المنشآت الاقتصادية بغض النظر عن طبيعتها ووظيفتها وأغراضها، وبغض النظر أيضاً عن المساهمين فيها أو المشاركين في أنشطتها فإن هذه الشركات محتاجة للدخول تحت مظلة الحوكمة وإن تفاوتت تلك الشركات في درجة الحاجة إلى الدخول و مبرراته.


المبحث الثالث
مشروعية الحوكمة.
لا يطمح الباحث بأن يجد نصاً صريحاً، يدل دلالة واضحة لمشروعية الحوكمة، لأن الحوكمة هي من المبادئ الإدارية الحديثة نسبياً، غير أن هذا لا يعني أن الباحث لم يجد ضالته في النصوص العامة التي جاءت آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر أو تلك الآمرة بالأمانة بالإضافة إلى النصوص الخاصة في الرقابة المالية، لأن الرقابة المالية والإدارية تعتبران من أهم مقومات الحوكمة، أضف إلى ذلك كله النصوص الآمرة بإتقان العمل والإحسان فيه، وفيما يلي أبرز الأدلة التي يستطيع الباحث أن يستنبط منها مشروعية الحوكمة في شكلها الحديث:
1.مجموعة النصوص الدالة على وجوب إتقان العمل، كقوله-صلى الله عليه وسلم-:( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه).29 فلا شك أن إتقان العمل لابد أن يمر عبر الحوكمة، لأن الحوكمة هي من أهم الضمانات الضامنة لإتقان العمل.
2.مجموعة النصوص الشرعية التي ورد فيها الحض على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ومن هذه النصوص :
1.كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون. آل عمران: 110.
2.ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون.آل عمران: 104
3.قوله : ( من رأى منكم منكرا ً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه .......) (30).
فهذه النصوص جاءت حاضة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيدخل في عمومها النهي عن كل منكر ، سواء تعلق ذلك المنكر بالعبادات أو المعاملات أو غيرها ولا شك أن عدم الالتزام بالضوابط الشرعية للمعاملات المصرفية هو من المنكرات التي يتجه النهي عنها ، وأن الالتزام بهذه الضوابط هو من المعروف الذي يجب الأمر به، كما أن جريان الأنظمة والعلائق بين الأطراف الداخلة في العمليات الإنتاجية والاستثمارية لأي منشأة اقتصادية أو تجارية على وفق ما تقتضيه النزاهة والأمانة والشفافية لهو من أعرف المعروف، وأن نقيضه المتمثل في شيوع الفساد وثقافة الانتهازية، أو سيطرة التفلت والترهل على الهياكل الإدارية لأي منشأة لهو من أنكر المنكر الذي يجب إنكاره.
3.مجموعة النصوص التي جاءت حاضة على القيام بالأمانة والمحافظة عليها وتلك المحذرة من خيانتها:
1.قوله تعالى في صفات المؤمنين: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون. المعارج: 32
2.قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤذوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، إن الله كان عزيزاً حكيماً. النساء: 58
3.قوله تعالى:يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله و الرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون.سورة الأنفال:27.
4.قوله  : " أدِ الأمانة إلى من أأتمنك ولا تخن من خانك"(31).
5. قوله : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ...." (32).
إن النصوص الآمرة برعاية الأمانة والمحافظة عليها ، تشمل في عمومها الحوكمة من حيث إن الله سبحانه وتعالى قد ائتمن العلماء على القيام بشرع الله عز وجل ، ولا شك أن تصويب المعاملات المصرفية بحيث تكون منسجمة مع أمر الله عز وجل ، ومتسقة مع هدي رسوله  هو ما ائتمن الله سبحانه وتعالى العلماء عليه ، كما أن هؤلاء العلماء مؤتمنون من قبل المساهمين والمودعين في المؤسسات الإسلامية على أن تكون معاملات هذه المؤسسات متوافقة وأحكام الشريعة الإسلامية ، وإن التفريط في ذلك يعد خيانة للأمانة، ولا شك أن اتساق هذه المعاملات والأنشطة وكذلك العلائق والمصالح مع أحكام الشريعة السمحة يصب فيما تسعى إليه الحوكمة بشكل مباشر
4.مجموعة النصوص الآمرة بالوفاء بالعقود، من مثل قوله سبحانه وتعالى : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود.المائدة:1ولا شك أن حوكمة الشركات يعد شكلاً من أشكال الوفاء بالعقود لأن الشركة ذاتها لا تعدو أن تكون مجموعة من العقود المتداخلة، سواءً أكانت تلك العقود في شكلها التقليدي الموثق الظاهر أم في شكلها غير التقليدي الملحوظ أساساً في عقد تأسيس الشركة أو في لوائحها وأنظمتها الداخلية.
5.مجموعة النصوص الناهية عن التوصل إلى أكل أموال الناس بالطرق غير الشرعية كالغش والتدليس والرشوة، ومن ذلك:
1.قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم.النساء:29.
2.قوله تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام، لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون.البقرة:188.
3.قوله-صلى الله عليه وسلم-: من غش فليس منا.33
4.حديث: لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي والرائش بينهما34. فهذه النصوص وغيرها كثير تحرم كل أشكال الكسب الحرام وتوجب أن يكون الكسب مباحاً وأن لا يتوصل إليه بطريق محرم، ولا شك أن الحوكمة تحقق مقصد هذه النصوص وتعتبر إحدى الآليات المطلوبة لتحقيق تلك المقاصد، ولذلك فإن هذه النصوص وغيرها دالة على وجوب الاحتكام إلى أي آلية أو وسيلة تحقق تلك المقاصد وعلى رأس تلك الآليات الحوكمة بمبادئها ومعاييرها المفضية إلى الشفافية والنزاهة.
6.ممارسة النبي  للرقابة الإدارية التي تعتبر شكلاً من أشكال الحوكمة ، ومن ذلك حديث ابن اللتبية ، وفيه أن النبي  استعمله على صدقات قومه من الأزد، فلما جاء حاسبه، فقال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال النبي  : فهلا جلست في بيت أمك وأبيك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً، ثم قام النبي فخطب في الناس فقال: " فإني استعمل الرجل منكم على العمل فيما ولاني الله فيأتيني فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت إليّ أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً (35). فها هو النبي  ، قد حاسب ابن اللتبية، مع أنه مؤتمن على الصدقات وأوضح في الحديث أن قبول الهدايا في حق العمال لا يجوز، وأنه لو لم يكن عاملا ً لما أهدي إليه شيء (36).
7.أفعال الصحابة ومن ذلك ما روي أنه لما قدم معاذ بن جبل ، علي أبي بكر  من اليمن، قال له أبو بكر : ارفع حسابك ، فقال :أحسابان حساب من الله وحساب منكم ، والله لا ألي لكم عملاً أبداً (37). فها هو أبو بكر –رضي الله عنه- يطلب من معاذ –رضي الله تعالى عنه- أن يقدم حسابه وهذا شكل من أشكال الرقابة المالية والإدارية والتي تعد بدورها شكلاً من أشكال الحوكمة.
8.ولأن إقامة العلائق بين أطراف العملية الإنتاجية على وفق الحق والعدل واستبعاد كل أشكال الترهل والفساد والتفلت الإداري هو أمر واجب ولما كان ذلك كله لا يتم على الوجه الأكمل إلا من خلال الحوكمة فإن الحوكمة في هذه الحالة تصبح واجبة من باب (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)























المبحث الرابع
المؤسسات المالية الإسلامية ومقتضيات الحوكمة.

سبق أن بينا لدى الحديث عن مجال الحكومة بأن المؤسسات المالية الإسلامية ليست بمنأى عن مقتضيات الحوكمة ومعاييرها حيث أن إضافة هذه المؤسسات إلى لفظ( الإسلامية) ووصفها به لا يمنحها الحصانة إزاء مبادئ الحوكمة ومعاييرها ولا يعفيها من تطبيق مبادئها وقواعدها وأخلاقياتها، وقد اكتسبت المؤسسات المالية الإسلامية في الآونة الأخيرة زخما كبيرا واحتلت مكان بارز في سوق الصيرفة عموماً، حيث انتشر النمط الإسلامي في الصناعة المالية وأثمرت الصناعة المالية مئات المؤسسات المالية التي تعمل وفق أحكام الشريعة السمحة، ويرجع الدكتور جمعة الرقيبي أسباب هذا الزخم والتسارع الذي اكتسبته الصناعة المالية الإسلامية إلى جملة أسباب38:
1.الأداء غير المتكافئ( المتباين ( للأسواق المالية الغربية.
2.إدراك بعض الدول الإسلامية أن المخاطر ازدادت في أسواق المال التقليدية.
3.تجدد ارتفاع أسعار النفط.
4.الطلب المتزايد من الجاليات الإسلامية في الدول الغربية.
5.تطور المهارات الإدارية الضرورية لتقديم الخدمات المالية الإسلامية
إن هذا النمو المتسارع للمؤسسات المالية الإسلامية فرض الحاجة إلى تنظيم الصيرفة الإسلامية حماية للصناعة المالية الإسلامية من الفوضى والعشوائية وعدم الخضوع للقوانين مما قد يطيح بالمكتسبات التي حققتها هذه المؤسسات ويسبب الخسارة الفادحة للمستثمرين والمودعين وكل ذوي العلاقة بالأنشطة الاستثمارية و الائتمانية لتلك المؤسسات. ولهذا فقد حرصت البنوك السيادية في كثير من البلاد الإسلامية على إصدار قوانين خاصة تنظم نشاط المصارف الإسلامية أو تضمين القوانين العامة التي تنظم عمل المصارف في تلك البلاد مواد قانونية تختص بالمصارف الإسلامية. غير أن هذا كله لم يلغي الحاجة إلى وجود مظلات دولية لأنشطة تلك المصارف من أجل العمل على توحيد المعايير والقواعد الحاكمة لأنشطة تلك المؤسسات فأنشئت هيئة المحاسبة والمرجعة للمصارف الإسلامية عام1991م وهي منظمة دولية مستقلة تأسست عام 1991م تقوم بإصدار معايير المحاسبة والمراجعة والأخلاقيات ومعايير الضبط والمعايير الشرعية المختصة بالصناعة المصرفية والمالية الإسلامية ، فقد تم اعتماد 68 معيارا حتى نهاية 2006م ، موزعة على النحو التالي:

* 25 معيارا محاسبيا * 5 معايير للمراجعة
* 6 معايير للضبط * معيارين للأخلاقيات
* 30 معيارا شرعيا (بخلاف 24 معيار تحت الدراسة).
وتحظى هذه المعايير بقبول دولي وإقليمي واسع ومطبقة حاليا في عدد من المؤسسات المالية الإسلامية في دولة البحرين والأردن ولبنان وقطر والسودان وسوريا ويسترشد بها في دول أخرى مثل استراليا واندونيسيا وماليزيا وباكستان والسعودية وجنوب إفريقيا.
وكان لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية السبق في إصدار هذه المعايير وكلها تصب في خانة العرض والإفصاح وتحت إدارة المؤسسة المالية الإسلامية على الشفافية والعدل في التعامل وعدم أكل أموال الناس بالباطل، وهو ما تنادى به المؤسسات الدولية المهتمة بمبادئ ومعايير حوكمة الشركات. 39
والتي عملت على إصدار مجموعة من المعايير التي تنظم أنشطة تلك المصارف وتضبط إيقاع سيرها ليكون متوافقاً مع أحكام الشريعة السمحة، ومن أجل العمل على توحيد الفتاوى الشرعية في أحكام الأنشطة التي تمارسها المؤسسات المالية الإسلامية علماً بأنه قد سبق ذلك تكوين هيئات للفتوى والرقابة الشرعية لتلك المؤسسات وجود مثل تلك الهيئات يعد شكلاً من أشكال الحوكمة حيث تعتبر الرقابة على أنشطة تلك المؤسسات والتأكد من توافق تلك الأنشطة مع أحكام الشريعة السمحة من أهم وظائف وصلاحيات تلك الهيئات.وقد بدأ العمل مؤخراً على إيجاد هيئة للتصنيف يتم من خلالها تصنيف المصارف الإسلامية ومجمل المؤسسات المالية الإسلامية من خلال ابتكار سلم تصنيفي ذي درجات ومراتب محددة وفق معايير عالمية دولية مصطلح عليها ويتم التأكد من مدى توافق أنشطة المؤسسة المالية المحددة مع الدرجة التي احتلتها وفق تلك المعايير وهذا بدوره سوف يشكل حافزاً للمؤسسات المالية الإسلامية كي تضبط أنشطتها وممارساتها كي تكون متوافقة مع أحكام الشريعة وستحرص على ذلك غاية الحرص ابتغاء الوصول إلى الدرجات العليا في ذاك التصنيف العالمي المأمول، وقد ظهرت بالإضافة إلى ذلك مؤسسات أخرى كمجلس الخدمات المالية الإسلامية، وجمعية المحاسبين والمراجعين للمؤسسات المالية الإسلامية، وسوق المال الاسلامى الدولي، واتحاد المصارف الإسلامية40. ويعتبر مجلس الخدمات المالية الإسلامية بالإضافة إلى هيئة المحاسبة والمراجعة الإسلامية من أبرز المؤسسات التي حققت نوعاً من السبق في إصدار معايير ومبادئ للحوكمة حيث تنبئ هذا المجلس مبادئ الحوكمة الصادرة عن كل من منظمة مجلس التعاون الاقتصادي والتنمية OECD ووثيقة لجنة بازل حول "تعزيز الحوكمة في المنظمات المصرفية" وبني عليهما مجموعة من المبادئ الإرشادية التي يجب أن تلتزم بها إدارة المؤسسة المالية الإسلامية تجاه أصحاب المصالح.
وأصدر معيارا لحوكمة المؤسسات المالية الإسلامية في ديسمبر 2006، تحت ما يسمى بـ (المبادئ الإرشادية لضوابط إدارة المؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية).
وقد ألزم هذا المعيار المؤسسات المالية الإسلامية إما أن تؤكد التزامها بنصوص هذه المبادئ الإرشادية أو تعطى شرحا واضحا لأصحاب المصالح عن أسباب عدم التزامها بهذه المبادئ.41 وهذا عرض لتلك المبادئ:
المبدأ الأول:
يجب على مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية أن تضع إطار لسياسة ضوابط إدارة شاملة تحدد الأدوار والوظائف الإستراتيجية لكل عنصر من عناصر ضوابط الإدارة والآليات المعتمدة لموازنة مسؤوليات مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية تجاه مختلف أصحاب المصالح.
ويقصد بعناصر ضوابط الإدارة كل من: (مجلس الإدارة واللجان المنبثقة عنه، الإدارة التنفيذية ، هيئة الرقابة الشرعية، مراجعي الحسابات الداخليين والخارجيين)
يجب على مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية اعتماد التوصيات ذات العلاقة التي تتضمنها معايير ضوابط إدارة مؤسسات متعارف عليها دوليا مثل مبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وورقة لجنه بازل للإشراف المصرفي ، كذلك يجب أن تلتزم بالتعاميم / التوجيهات سارية المفعول الصادرة عن السلطات الإشرافية ، كما يجب أن تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها.
المبدأ الثاني:
يجب على مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية أن تتأكد من أن إعداد تقارير معلوماتها المالية وغير المالية يستوفي المتطلبات التي تنص عليها المعايير المحاسبية المتعارف عليها دوليًا – وتكون مطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها والتي تسري على قطاع الخدمات المالية الإسلامية وتعتمدها السلطات الإشرافية في الدولة المعنية.
يجب على مجلس إدارة المؤسسة المالية الإسلامية تشكيل لجنة مراجعة تتكون مما لا يقل عن ثلاثة أعضاء يختارهم مجلس الإدارة من أعضائه غير التنفيذيين يكوون حائزين على خبرات مناسبة وكافية في تحليل القوائم المالية والمستندات المالية.
المبدأ الثالث:
يجب على مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية الإقرار بحقوق أصحاب حسابات الاستثمار في متابعة أداء استثماراتهم والمخاطر ذات العلاقة، ووضع الوسائل الكافية لضمان المحافظة على هذه الحقوق وممارستها.
لذا يجب على مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية أن تتحمل مسؤولية استئمانية تجاه أصحاب حسابات الاستثمار بصفتها مضاربا في أموالهم، مع الإفصاح والشفافية عن المعلومات في الوقت الملائم.
المبدأ الرابع:
يجب على مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية اعتماد إستراتيجية استثمار سليمة تتلاءم مع المخاطر والعوائد المتوقعة لأصحاب حسابات الاستثمار (آخذين في الحسبان التميز بين أصحاب حسابات الاستثمار المقيدة والمطلقة ) بالإضافة إلى اعتماد الشفافية في دعم أي عوائد .
المبدأ الخامس:
يجب على مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية أن تضع آلية مناسبة للحصول على الأحكام الشريعة من المختصين بها ، والالتزام بتطبيق الفتاوى ولمراقبة الالتزام بالشريعة في جميع نواحي منتجاتها وعملياتها ونشاطاتها.
ويبقى تنوع الآراء الشرعية من الخصائص الدائمة لقطاع الخدمات المالية الإسلامية، ويجب أن يحصل المراجعون الداخليون والمراقبون الشرعيون على التدريب اللازم والمناسب لتحسين مهاراتهم من حيث مراجعة مدى الالتزام بالشريعة.
كما يجب مواصلة إصدار وتشجيع مبادرات التنسيق بين الفتاوى الشرعية حيث أن هذا القطاع خصوصا والأمة عموما يستفيدان من الفهم المشترك والتعاون بين علماء الشريعة.
المبدأ السادس:
يجب على مؤسسة الخدمات المالية الإسلامية الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها المنصوص عليها في قرارات علماء الشريعة للمؤسسة. ويجب على المؤسسة أن تتيح اطلاع الجمهور على هذه الأحكام والمبادئ.
ويتطلب ذلك أن تعتمد مؤسسة الخدمات المالية الإسلامية الشفافية في اعتمادها تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها الصادرة عن علماء الشريعة للمؤسسة، ويجب على المؤسسة الالتزام بقرارات الهيئة الشرعية المركزية أو الإفصاح عن سبب عدم الالتزام.
المبدأ السابع:
يجب على مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية توفير المعلومات الجوهرية والأساسية حول حسابات الاستثمار التي تديرها لأصحاب حسابات الاستثمار وللجمهور بالقدر الكافي وفي الوقت المناسب.
ويتطلب ذلك توفير المعلومات لأصحاب حسابات الاستثمار حول طرق حساب الأرباح وتوزيع الموجود وإستراتيجية الاستثمار وآليات دعم العوائد.
كما يتطلب ذلك توفير المعلومات لأصحاب حسابات الاستثمار حول أسس توزيع الأرباح قبل فتح حساب الاستثمار والإعلان عن حصة كل من المؤسسة وأصحاب حسابات الاستثمار في الأرباح حسب مقتضيات عقد المضاربة. 42
ووجود هذه المبادئ وإعلان الشركات والمؤسسات المالية الإسلامية عن التزامها بها لا يكفي لتحقيق مقتضيات الحوكمة ومبادئها إذ لابد من وجود هيئة أو جهة رقابية تتحقق من تطبيق هذه المقتضيات والامتثال لما تفرضه.
إن أهمية وجود مؤسسات تطلع بمهمة التحقق من التزام المؤسسات المالية الإسلامية بالمعايير والضوابط الشرعية بات مطلبا ملحا، فإن وجود المعيار والضابط الشرعي وحتى العقود والنماذج الشرعية لا يعنى – بالضرورة- التزام المؤسسات المالية الإسلامية العمل بمقتضاها.
من هنا جاء التفكير في إنشاء مؤسسة تطلع بمهمة التحقق من التزام المؤسسات والشركات بالمعايير والضوابط الشرعية التي تصدر عن الهيئات الشرعية لتلك المؤسسات، وتقوم بتصميم وإعداد أدلة المراجعة الشرعية وتدريب المراجعين الشرعيين على إعداد وتنفيذ برامج المراجعة الشرعية43.





المبحث الخامس:
مقارنة بين الحوكمة في المؤسسات المالية التقليدية ونظيراتها الإسلامية:

ثمة جملة أوجه للاتفاق بين الحوكمة في المؤسسات المالية التقليدية والحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية، وأوجه الاتفاق هذه تنتظم المجالات الإدارية والفنية والمهنية، وذلك لأوجه الشبه في بعض الأنشطة التي تمارسها المؤسسات المالية التقليدية وتلك التي تمارسها المؤسسات الإسلامية، وسيعمد الباحث في هذا المطلب إلى تسليط الأضواء الكاشفة على أوجه الاتفاق والافتراق بين الحوكمة في المؤسسات المالية التقليدية والحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية عبر المطلبين التاليين:
المطلب الأول: أوجه الاتفاق بين الحوكمة في المؤسسات المالية التقليدية والمؤسسات المالية الإسلامية.
ثمة جملة من الأوجه التي تتفق فيها المؤسسات المالية التقليدية مع نظيراتها الإسلامية والتي يمكن إبراز أهمها من خلال النقاط التالية:
1.إن الحوكمة في المؤسسات المالية عموماً سواءً أكانت تقليدية أو إسلامية غالباً ما يركز فيها على الجوانب الائتمانية، والحوكمة في تلك المؤسسات بنوعيها التقليدي والإسلامي تختلف بذلك عن سائر المنشآت الاقتصادية كالشركات وغيرها في تركيز الأخيرة على الجوانب الإدارية والعملياتية. إن الحوكمة في المؤسسات المالية عموماً توجه جانباً كبيراً من اهتمامها لإحداث التوازن في المصالح بين الأطراف ذات العلاقة بأنشطة تلك المؤسسات وإن كان التفاوت يبدو واضحاً بين التقليدية والإسلامية في توسيع مظلة الحوكمة لتشمل أكبر قدر ممكن من مصالح الأطراف كما سيأتي قريباً.
2.إن الحوكمة في المؤسسات المالية عموماً تفترض وجود مبادئ عامة وكليات أساسية لا تختلف فيها الحوكمة في المؤسسات المالية التقليدية عنها في المؤسسات المالية الإسلامية وذلك عندما يتعلق الأمر بالجوانب الفنية والإدارية والمهنية حيث إن هذه الجوانب غالباً ما تنبثق عن اعتبارات علمية تتسم بالحيدة والموضوعية، وهذه الاعتبارات لا لون لها وبالتالي فإنه يصعب وصفها بالتقليدية أو الإسلامية نظراً لحياديتها وعدم قابليتها للتأثر بالانتماءات الفكرية والأيديولوجية لكونها مبتناة على الخبرات التجريبية والتراكمات العلمية مما يبعدها عن دائرة الاستقطاب الفكري أو المذهبي.
3.تحتل الرقابة في جانبيها المالي والإداري بالإضافة إلى جانبها الفني مكاناً بارزاً في أدبيات الحوكمة في المؤسسات المالية عموماُ تقليدية كانت أو إسلامية، كما أن الجهود التي تبذل لتطوير الرقابة في تلك الجوانب هي في الغالب جهود لا يظهر فيها فرق بين المؤسسات المالية التقليدية ونظيراتها الإسلامية لأنها تعتمد في المقام الأول على التجربة والخبرة الفنية التي تكتسبها المؤسسات المالية عبر تاريخ طويل من التطبيق للمبادئ القانونية والإدارية يتم من خلال ذاك التطبيق المستبصر رصد الأخطاء والثغرات، ومحاولة تجنبها وتلافيها من خلال رسم الخطط والآليات ومن خلال التعديل المستمر في اللوائح والأنظمة وصولاً إلى بيئة قانونية وإدارية قادرة على تصحيح مسار تلك المؤسسات عبر الاستفادة من التجارب الذاتية أو القطرية أو الإقليمية، وهذا كله يولد بدوره أعرافاً قانونية وإدارية ومهنية وفنية يتم الاحتكام إليها عندما لا تسعف اللوائح والأنظمة والقوانين في إيجاد الحلول المناسبة للإشكالات والتحديات التي يفرضها العمل وطبيعته، والتي تكتشف عند ممارسة الأنشطة المصرفية بتشعباتها وتعقيداتها والتي تعجز اللوائح والأنظمة والقوانين عن افتراض وقوعها، ومن ثم إيجاد الحلول المناسبة لها.
4.تحتل الشفافية والنزاهة والإفصاح مكانها البارز أي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تنمية الموارد البشرية في المؤسسات المالية الإسلامية
» سياسة توزيع الأرباح في المؤسسات المالية الإسلامية
» معايير المحاسبة المالية الإسلامية
» موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية
» التورق المصرفي وتطبيقاته في المصارف الإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
The Truth - Online الحقيقة أون لاين ... رؤية جديدة لتعرف أكثر :: منتدى المال ورجال الأعمال :: منتدى عالم المال ورجال الأعمال :: منتدى عالم المال ورجال الأعمال --:: للدخول من هنا:: ---
انتقل الى: