The Truth - Online الحقيقة أون لاين ... رؤية جديدة لتعرف أكثر
تعلن إدارة منتدى أي دو عن حاجتها إلى مشرفي منتديات فعلى الراغبين في التقدم والإنتساب إلى مجموعة المشرفين مراسلة إدارة المنتدى على البريد الإلكتروني In-life@live.com مع تحيات فريق عمل منتدى أي دو



أهلا ً وسهلا ً بكم
نتمنى أن تقضو معنا أجمل الأوقات وأن تحصلو على أقصى فائدة

في
i doي دو ... رؤية جديدة لتعشق التطور... i do - We love evolution


إدارة المنتدى

The Truth - Online الحقيقة أون لاين ... رؤية جديدة لتعرف أكثر
تعلن إدارة منتدى أي دو عن حاجتها إلى مشرفي منتديات فعلى الراغبين في التقدم والإنتساب إلى مجموعة المشرفين مراسلة إدارة المنتدى على البريد الإلكتروني In-life@live.com مع تحيات فريق عمل منتدى أي دو



أهلا ً وسهلا ً بكم
نتمنى أن تقضو معنا أجمل الأوقات وأن تحصلو على أقصى فائدة

في
i doي دو ... رؤية جديدة لتعشق التطور... i do - We love evolution


إدارة المنتدى

The Truth - Online الحقيقة أون لاين ... رؤية جديدة لتعرف أكثر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


The Truth - Online
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  إتصل بناإتصل بنا  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
لإضافة إعلانات مجانية أرسل الإعلان إلى البريد الإلكتروني : in-life@live.com
تعلن إدارة المنتدى عن حاجتها إلى مشرفين لمراسلتنا In-life@live.com

 

 التورق المصرفي وتطبيقاته في المصارف الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hacker
مشرف أمن المنتدى
hacker


ذكر عدد المساهمات : 28
عدد النقاط : 10688
بطاقات الشكر : 2
تاريخ الميلاد : 08/04/1968
تاريخ التسجيل : 12/05/2010
العمر : 56

التورق المصرفي وتطبيقاته في المصارف الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: التورق المصرفي وتطبيقاته في المصارف الإسلامية   التورق المصرفي وتطبيقاته في المصارف الإسلامية Untifd11الأحد مايو 23, 2010 5:41 am












التورق المصرفي
وتطبيقاته في المصارف الإسلامية



ورقة مقدمة لمؤتمر الخدمات المالية الإسلامية الثاني






إعداد
د. هيثم خزنة






المقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد،
فقد انتشر -منذ بضع سنين- منتج مالي في المصارف الإسلامية عرف بالتَّوَرُّق المنظم أو التَّوَرُّق المصرفي، ويُعدُّ هذا المنتج أداة تمويلية تقدمها المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية لعملائها، وقد أحدث هذا المنتج جدلاً واسعاً بين الفقهاء الشرعيين والاقتصاديين الإسلاميين، حيث ذهب اتجاه كبير من هؤلاء إلى منعه وتحريمه وعدوه منتجاً لا يتناسب مع صيغ التمويل الإسلامي الشرعي لما فيه من منحى واضح نحو الربا، وذهب اتجاه آخر منهم إلى إجازته وإباحته وإن اختلفوا فيما بينهم في بعض ضوابطه، وأعرض في هذا البحث التورق المصرفي بتعريفه وتصويره وبيان أصله الفقهي المعروف عند الفقهاء والمذكور في المذاهب الفقهية ووجه الربط بينهما، ثم أبين بعدها أوجه العمل به في المصارف الإسلامية وتطبيقاته فيها، ثم أنتهي ببيان حكمه بعرض الأقوال والأدلة والمناقشات وأبين الراجح في المسألة من خلال المناقشة وعرض تحليلي لكل طرف، ثم بعدها أورد خاتمة وتوصيات.
وعليه فإن خطة البحث ستكون على النحو الآتي:
المبحث الأول: حقيقة التورق وأنواعه.
المبحث الثاني: التطبيقات المصرفية للتورق.
المبحث الثالث: حكم التورق المصرفي.
المبحث الأول: حقيقة التورق وأنواعه:
رغم أن التورق المصرفي منتج مالي جديد -كما ذكرت- إلا أن المذاهب الفقهية عرفت التورق قديماً، حيث يُعد التورق المصرفي الحالي تطويراً للتورق الفقهي الذي ذكره الفقهاء، لذا كان لزاماً أن أبين حقيقة التورق الفقهي بتعريفه لغة واصطلاحاً ثم بيان صورته عند الفقهاء والمذاهب فيه، وبعدها أبين التورق المصرفي.
أولاً: التورق الفقهي
التَّوَرُّق لغة مشتق من الوَرِق، وهي الدراهم المضروبة من الفضة(1)، ومنه قوله تعالى: "فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة" [الكهف: 19]، فالتورق هو طلب الوَرِق أي طلب النقد، والمتورق هو طالب النقد.
أما التورق اصطلاحاً فهو لفظ خاص بالحنابلة ويقصد به عندهم: أن يشتري المتورق سلعة نسيئة لأجل بيعها نقدا لغير البائع الأول بأقل مما اشتراها به; ليحصل بذلك على النقد. ولم يرد هذا المصطلح إلا عند متأخري الحنابلة(2)، أما المذاهب الفقهية الأخرى فتندرج عندهم هذه الصورة في بيوع العينة أو بيوع الآجال، حيث كانت هذه الصورة أحد بيوع العينة، ولذا فإن حقيقة التورق موجودة في المذاهب كلها إلا أنه مصطلح خاص بالحنابلة، وسأوافق الحنابلة في استعمالهم لمصطلح التورق لاشتهاره بين المعاصرين وللتفريق بينه وبين العينة.
ولا بد هنا من بيان حقيقة كلٍ من التورق والعينة وحكمهما لما سنلحظه من نتيجة مهمة تتعلق بالتورق المصرفي، أما التورق فقد ذكرت أن المتورق يشتري السلعة نسيئة من البائع ثم يبيعها لطرف ثالث نقداً بأقل من سعر النسيئة ليتحصل على النقد. وأما العينة فيشتري السلعة من بائعها نسيئة ثم يبيعها للبائع نفسه نقداً بأقل من سعر النسيئة ليتحصل على النقد أيضاً.
وأما حكمهما فذهب الجمهور -الحنفية والمالكية والحنابلة- إلى حرمة العينة لما فيها من تحايل جلي على الربا فالبائع لا يبغي بيع السلعة وإنما أراد الزيادة، لكنه أدخل صورة البيع على سلعة ليتوصل بها إلى الزيادة الربوية(3)، أما الشافعية فخالفوا الجمهور في تحريم العينة وصرح الشافعي في كتابه الأم بجواز العينة، وأطال في الاستدلال لجوازها، ووافقه في هذا أهل مذهبه، فكان مذهب الشافعية جواز بيع العينة، ويقوم استدلالهم للجواز على اعتبار ظاهر العقود والتصرفات، وهي قاعدة مطردة عند الشافعي وأهل مذهبه(4)، فالعينة بيع آجل ثم بيع عاجل وكلاهما جائز فلا مانع من تتابعهما عندهم ما لم يكن البيع الثاني شرطاً في البيع الأول ولو عرفاً إلا أن متأخري الشافعية صرحوا بكراهته(5).
أما التورق فالجمهور الأعظم من الفقهاء -الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة- على إباحته وجوازه، إلا أن للحنفية والحنابلة قول بالكراهة في المذهب(6)، وذهب الإمام أحمد بن حنبل في رواية إلى القول بتحريمه ووافقه فيها بعض الحنابلة(7).
وقد ذهب المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي إلى جواز التورق الفقهي، ومما جاء في القرار:
"أولاً: إن بيع التورق هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه بثمن مؤجل، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع الأول للحصول على النقد (الورق).
ثانياً: إن بيع التورق هذا جائز شرعاً، وبه قال جمهور العلماء؛ لأن الأصل في البيوع الإباحة؛ لقول الله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) ولم يظهر في هذا البيع ربا لا قصدا ولا صورة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لقضاء دين أو زواج أو غيرهما.
ثالثا: جواز هذا البيع مشروط بأن لا يبيع المشتري السلعة بثمن أقل مما اشتراها به على بائعها الأول لا مباشرة ولا بالواسطة فإن فعل فقد وقعا في بيع العينة المحرم شرعاً لاشتماله على حيلة الربا فصار عقدا محرماً"(8).
وبعد هذا البيان لحقيقة كل من العينة والتورق وحكمهما في المذاهب الفقهية لا بد من بيان سبب تفرقة الجمهور الذين فرقوا بين العينة والتورق فحرموا الأولى وأباحوا الثانية، رغم التشابه الكبير بينهما، واستعرض هنا أوجه الاتفاق والافتراق ليتضح لنا سبب تفرقة الجمهور بينهما في الحكم، فالصورتان (التورق والعينة) تتفقان في أربعة أمور وتختلفان في أمر واحد.
أما أوجه اتفاقهما:
الأول: أن الصورتين مشتملتان على بيع آجل ثم بيع عاجل.
الثاني: أن الثمن في البيع الآجل أكثر منه في البيع العاجل.
الثالث: أن قصد المشتري (المتورق) في الصورتين الحصول على النقد، لا الانتفاع بالسلعة.
الرابع: أنهما حيلة لتفادي الوقوع في الربا.
أما ما اختلفت فيه الصورتان فهو أن التورق يكون بين ثلاثة أطراف، والعينة تكون بين طرفين، فالبائع الأول في التورق لا علاقة له بالبيع الحاصل ثانية، بخلاف العينة فإن بائع السلعة نسيئة يعود ليشتريها نقداً، فإذا لاحظنا هذا الفارق الوحيد نجد أن علة التحريم تكمن فيه، أما غير ذلك من الأوصاف فلم تكن تشتمل على علة التحريم، فقصد المتورق الحصول على النقد بحيلة يتفادى بها الوقوع في الربا وذلك بشرائه سلعة نسيئة ثم بيعها نقداً لم يكن المؤثر في التحريم، بخلاف البائع الذي باع نسيئة ثم اشترى السلعة نقدا بأقل من الثمن الآجل، فإن ذلك مؤثر في تحريم الصورة.
وبناء على ذلك فإن علة تحريم العينة تكمن في قصد البائع لا في قصد المتورق، فالبائع تمحض مقرضاً أردا التحايل على الربا، فاتخذ صورة البيع بالنسيئة ثم البيع بالنقد بثمن أقل والسلعة في البيعتين متحدة فكانت صورية غير مبتغاة، أما المتورق فقد تمحض في الحقيقة مقترضاً حيث أراد الحصول على النقد في مقابل دفع زيادة نظير الزمن، والسلعة عنده في البيعتين أيضاً متحدة فكانت صورية غير مبتغاة، لكن قصده لم يؤثر في التحريم فغاية ما في التورق أنه يظهر خللا اجتماعيا في المجتمع الإسلامي حيث اضطر المتورق إلى هذه المعاملة للحصول على النقد بسبب ظروفه القاهرة ولم يجد عونا من إخوانه بالإقراض الحسن أو من أموال الزكاة والصدقات وغيرها، ولذا كانت كراهة التورق في بعض المذاهب الفقهية، وهذا بخلاف المقرض الذي أراد أكل الربا وأخذه بصورة مشروعة الشكل فكانت هذه المعاملة وهي العينة محرمة شرعاً عند الجمهور، ومحرمة عند الشافعية إذا كان البيع الثاني مشروطاً في البيع الأول أو جرى العرف بذلك، أما إن لم يكن شرط أو عرف فلا تحرم باعتبار الظاهر.
والغاية من إيضاح التفرقة بين العينة والتورق، وتحليل الصورتين، وبيان أثر قصد الطرفين في كل منهما ربط ذلك بالتورق المصرفي لاحقاً عند عرض حكمه الشرعي والترجيح بين الآراء بعد عرضه إن شاء الله تعالى.
ثانياً: التورق المصرفي
تطور التورق الفقهي العادي الذي سبق ذكره إلى تورق منظم، حيث تولى بائع السلعة بعد بيع السلعة للمتورق وتمليكه إياها بيعَها مرة أخرى بطريق الوكالة لطرف ثالث، فهذا التورق يشبه التورق الفقهي العادي من حيث اشتمال المعاملة على أطراف ثلاثة وهم: المتورق، بائع السلعة للمتورق بثمن آجل، المشتري للسلعة من المتورق بثمن عاجل أقل من الثمن الآجل، إلا أن البائع في التورق الفقهي تنحصر علاقته بالمتورق بعد بيعه السلعة نسيئة في مطالبته بثمن السلعة في موعدها المؤجل، وما يقوم به المتورق من بيع للسلعة لطرف ثالث لا علاقة للبائع به، أما في التورق المنظم فالبائع هنا يتدخل لتسهيل المعاملة وإرشاد المتورق إلى أيسر السبل لبيع السلعة بعد تملكها، بل يصل الأمر إلى أن يوكل المتورقُ البائعَ في بيع السلعة واستلام ثمنها ثم دفعها للمتورق، فسمي بالتورق المنظم لكون المعاملة تمت بطريق الترتيب والتنظيم مسبقا بين المتورق والبائع بالنسيئة.
والتورق المنظم هو عين التورق المصرفي الذي تتعامل به المصارف الإسلامية، وقد استخدمتها أداة تمويلية لعملائها بغية توفير السيولة النقدية لهم، فسمي بالتورق المصرفي لتعامل المصارف به، حيث تقوم المصارف الإسلامية ببيع السلعة للعميل بثمن آجل على أقساط، وبعد تملك العميل السلعة تبيعها مرة أخرى لطرف ثالث بطريق الوكالة بثمن عاجل وتقبضه، وتسلم العميل المبلغ نقدا باعتباره صاحب السلعة.
أما حكم التورق المصرفي المنظم فسيكون الكلام عليه في موضعه في المبحث الثالث بعد عرض التطبيقات المصرفية للتورق المنظم في المصارف الإسلامية، إذ إن الغرض من تأجيل الحكم توضيح صورة المسألة نظرياً وعملياً فالحكم على الشيء فرع عن تصوره.
الفرق بين التورق الفقهي والتورق المنظم (المصرفي)
سبق بيان أوجه الاتفاق والافتراق بين العينة والتورق الفقهي، وقد أوضح لنا ذلك قيامَ علة التحريم في العينة وانتفاءها في التورق الفردي، وأورد هنا أوجه الاتفاق والافتراق بين التورق الفقهي والتورق النظم.
تتطابق صورة التورق الفقهي مع التورق المصرفي في الشكل والصورة إلى حد كبير، فكلاهما مشتملان على بيعتين الآجل منهما يكون بثمن أعلى من العاجل، وأن القصد منهما الحصول على النقد عن طريق التحايل وتفادي الوقوع في الربا، إضافة إلى وقوع المعاملة بين ثلاثة أطراف، إلا أن الفارق بينهما يكمن فيما يأتي:
الأول: وجود تفاهم مسبق بين البائع والمتورق على المعاملة حيث لا يقصد الطرفان السلعة وإنما حصول المتورق على النقد ثم رده نسيئة مع زيادة، وفي كثير من الأحيان يكون الطرف الثالث متواطئاً في هذا الاتفاق، وهذا بخلاف التورق الفقهي، فقصد التورق يكون من المتورق فقط دون البائع والمشتري النهائي (الطرف الثالث).
الثاني: توسط البائع في بيع السلعة بعد تملك المتورق لها، بل قد يصل الأمر إلى أن يكون البائع وكيلا عن المتورق في قبض السلعة وبيعها وقبض ثمنها وتسليمه للمتورق، وهذا بخلاف التورق الفقهي حيث ينحصر دور البائع بعد بيع السلعة نسيئة في مطالبة المتورق بثمن السلعة في موعدها المؤجل.
المبحث الثاني: التطبيقات المصرفية للتورق المصرفي:
بدأ العمل بالتورق المصرفي منذ ما يقارب العشر سنين، وقد ظهر في مصارف المملكة العربية السعودية، وقد أسهم قرار المجمع الفقهي الإسلامي السابق ذكره فيما يتعلق بإباحة التورق الفقهي في ظهور التورق المنظم أو التورق المصرفي، فاستغلت المصارف السعودية هذه الفتوى من المجمع وغيره وأخرجت منتجاً مالياً يكون أداة تمويل للأفراد والمؤسسات، ثم انتشر التورق المصرفي في المؤسسات المالية الإسلامية في أكثر دول الخليج حتى عم كافة المصارف الإسلامية في دول العالم الإسلامي.
وتقوم فكرته على توافق بين المصرف والعميل على شراء المصرف سلعة دولية أو محلية، ليقوم المصرف ببيعها للعميل بسعر مؤجل على أقساط، على أن يوكل العميلُ المصرفَ في قبضها وبيعها في السوق المحلية أو الدولية -حسب السلعة المشتراة - ثم تسليمه الثمن نقدا بإدراجه في حساب العميل.
وهذه العملية تقوم وفق خطوات عملية لا بد من بيانها وتصويرها وهي على مراحل ثلاث:
المرحلة الأولى: شراء المصرف السلعة
يقوم المصرف بشراء السلعة بإحدى طريقتين:
الطريقة الأولى: شراء كمية من سلعة لحسابه مسبقاً وفق برنامج التورق، أي قبل إجراء عملية التورق وطلب العميل للتورق نظراً لما يتوقعه المصرف من إقبال على برنامج التورق، وفي هذه الحالة يكون المصرف مالكاً للسلعة قبل إجراء عملية التورق. ويتم احتساب الكمية المشتراة حسب تقدير المصرف لطلبات التورق في مدة لا يتجاوز بيعها للمتورقين الأسبوع عادة، وذلك لتجاوز تقلبات الأسعار المحتملة للسلع وتحمل تكلفة التخزين، ويقوم اختيار المصارف للسلع بناء على معيارين: الأول: الثبات النسبي لسعر السلعة، الثاني: اتصاف السلع بسهولة التداول ووجود أسواق نشطة لها؛ لكي يسهل بيعها عند طلب العميل للتورق(9).
وقد أوجدت بعض المصارف الإسلامية في ماليزيا سلعة تتصف بثبات سعرها وسهولة تداولها وتجزئة بيعها وهي أرض واسعة نائية، فتتبادل المصارف بيعها ويكون المتورق وسطاً في عملية البيع فيشتريها المتورق أو جزءها بأجل من المصرف الأول ويبيعها للمصرف الثاني نقداً، وهكذا تنتقل ملكية الأرض بين المصارف عن طريق عمليات التورق، وقد جرت عليها عشرات بل مئات عمليات التورق.
الطريقة الثانية: شراء السلعة بناء على طلب العميل لعملية التورق، فتتخذ صيغة عقد المرابحة للآمر بالشراء، وهذه الطريقة تختلف عن سابقتها من حيث إن المصرف لا يملك السلعة قبل طلب العميل، بل يشتري المصرف السلعة لنفسه عند طلب العميل بناء على وعد ملزم من العميل بشرائها(10).
وغالباً ما تكون هذه السلع من المعادن في السوق الدولية مثل الحديد والألمنيوم والرصاص والنحاس، وعلى وجه الخصوص في السوق الدولية للمعادن في لندن (London Metal Market)، فيشتري المصرف المعدن ويتملكه وفق شهادة ملكية تثبت ملكيته إياه عن طريق ما يعرف بشهادة التخزين، وهي شهادة تكتب فيها بيانات المعدن المخزَّن في إحدى المخازن الدولية ويتم تداول الشهادة في البورصات الدولية حيث تنتهي إلى يد مستهلك ليتسلم بها المعدن من مخازنه، ولا يتسلم المصرف أو وكيله شهادة التخزين حقيقة وإنما هي قيود وأسماء تثبت في الحواسيب.
ويغلب على السلع الدولية من المعادن شراؤها بهذه الطريقة أي بناء على طلب العميل لعملية التورق، وذلك بصيغة عقد المرابحة للآمر بالشراء، ولا يتم شراؤها بالطريقة الأولى التي سبق بيانها، والسبب في ذلك يعود لتجنب المصارف مخاطر تغير أسعارها وفق تقلبات الأسواق العالمية، ولذلك فإن عقد شرائها وبيعها النهائي يكون في وقت واحد تقريباً.
وقد اعتمدت كثير من المصارف الإسلامية على السلع الدولية من المعادن، ويعود ذلك لأمرين:
الأول: سهولة شرائها وبيعها، وخلوها من الشروط التنظيمية للبيوع، وسهولة الإجراءات، وقلة تكاليف إجراء عقود الشراء والبيع، حيث تتم عبر أجهزة الحاسوب وعن طريق وسطاء ووكلاء في تلك الأسواق الدولية.
الثاني: سهولة تجزئة بيعها للعملاء بما يتناسب مع احتياج العميل حيث يبيع المصرف مجموعة من وحدات المعدن لكل عميل حسب المبلغ المراد تورقه.
المرحلة الثانية: بيع المصرف السلعة للعميل
بعد أن يتملك المصرف السلعة سواء بشرائها مسبقاً، أو بعقد المرابحة للآمر بالشراء، يقوم المصرف ببيعها للعميل مع زيادة هامش الربح، ويحسب وفق معدل الفائدة الربوية المعمول به في المصارف التقليدية(11)، ليكون ربحاً خالصا للمصرف، ويسدد العميل ثمنها على أقساط وفق العقد بينهما، ويكون السعر الآجل الذي يبيع به المصرف للعميل أعلى من السعر الذي يحصل عليه العميل من إعادة بيع السلعة.
المرحلة الثالثة: بيع المصرف السلعة لطرف ثالث بطريق الوكالة
يقوم المصرف في هذه المرحلة ببيع السلعة التي أصبحت مملوكة للعميل بناء على توكيل العميل المصرف في بيعها إلى طرف ثالث يرغب في شرائها نقداً، وقد يكون المشتري النهائي هو البائع الأول الذي اشترى منه المصرف السلعة، ويغلب هذا في السلع المحلية، أو قد يكون المشتري النهائي غير البائع الأول، ويغلب هذا في السلع العالمية.
ويجدر التنبيه هنا إلى قيام بعض المصارف في عملية التورق بالسلع الدولية بعقد اتفاق مع المشتري النهائي قبل إجراء عملية التورق، حيث تتفق معه على الالتزام بشراء السلعة الدولية مقابل عمولة يأخذها المشتري النهائي، ولا تعطى هذه العمولة بشكل مستقل بل يتضمنها سعر البيع المتفق عليه، بحيث يكون أنقص من السعر المعتاد، وهذه العمولة تكون في مقابل ضمان المشترى النهائي لتقلبات الأسعار التي قد تحدث في الأسواق العالمية خلال فترة وجيزة ليكون المصرف والعميل (المتورق) في منأى عن الوقوع في مخاطر هذه التقلبات(12).
وبعد هذا العرض لمراحل عملية التورق في المصارف الإسلامية أشير إلى بعض جوانب التطبيق التي تحتاج إلى مزيد بيان وهي على النحو الآتي:
أولاً: توصيف القبض في هذه العقود المتلاحقة لعملية التورق
مما يلاحظ أن السلعة في مراحلها الثلاث -السابق بيانها- يكون القبض فيها قبضاً حكمياً، ويتتابع القبض بتتابع هذه العقود، ويكون -في الغالب العام- في وقت واحد لا يفصل بينها زمن.
وأشير هنا إلى تصوير القبض الحاصل في السلع الدولية من المعادن في الأسواق العالمية نظراً لاتساع رقعة التورق المصرفي بطريق السلع الدولية من المعادن، فعندما يتقدم العميل بطلب التورق وفق البرنامج الذي يعلن عنه المصرف يحدد العميل المبلغ المطلوب تورقه، ثم يقوم المصرف بالاتصال مع أحد السماسرة في السوق الدولية حيث سبق الاتفاق بينه وبين المصرف على إجراء هذه العملية، فيقوم السمسار بشراء السلعة لحساب المصرف، ويقوم المصرف بدفع المبلغ من حسابه الخاص المودع في المصارف العالمية لبائع المعدن الأصلي، وعند ذلك يقوم المصرف ببيع السلعة إلى العميل، ويوكل العميلُ المصرفَ في قبض السلعة أي أن المشتري (العميل) يوكل البائع (المصرف) في قبض السلعة، ويوكله أيضاً ببيعها نقدا عن طريق السمسار في السوق الدولية مرة أخرى لجهة مختلفة تدفع المبلغ نقداً، ثم يقبض المصرف الثمن نيابة عن العميل ويودعه في حساب العميل.
ويلاحظ أن القبض في هذه العقود المتلاحقة هو قبض حكمي وهو مبني على استلام شهادة التخزين التي تثبت ملكية المشتري للسلعة، وإلا فإن المعدن لا يتم استلامه مطلقاً بل يبقى في مستودعاته الخاصة، ويتم تداول شهادات التخزين مثل الأوراق المالية في الأسواق العالمية، لكن لا يتم استلام هذه الشهادات فعليا، فالمصرف لا يتسلمها وكذا وكيله (السمسار) أيضاً، وإنما هي قيود وأسماء تثبت في الحواسيب عند انتقال ملكية هذه الشهادات كالأوراق المالية في الأسواق المالية العالمية، حيث تجري بيوعات كثيرة على المعدن نفسه في السوق الدولية وبعضها يكون بيوعات مستقبلية وبعضها بيوعات حالة ثم تقع التصفية النهائية على أساس فروق الأسعار، ويتم خلالها احتساب الأرباح والخسائر(13).
ويجدر التنبيه هنا إلى أن المصرف لا يدفع ثمن المعدن إلى البائع الأصلي ولا يستلم ثمنه أيضاً من المشتري النهائي إلا بعد التصفية النهائية واحتساب فروق الأسعار، نظرا لكون البيوعات على المعدن كثيرة ومتعددة ومتلاحقة كما أشرت(14).
ومن هنا يتبين أن قبض المصارف للمعادن لا يتم إلا من خلال أسماء تدرج في قيود الحواسيب، وتتم عملية التورق أي شراء المصرف المعدن لنفسه ثم بيعه للعميل ثم بيع المعدن وكالة لطرف ثالث في وقت واحد لا يفصل بينهما زمن إلا بقدر انتقال القيد في الحاسوب، وهي لا تتجاوز دقائق معدودة أو أقل منها(15).
ويجدر التنبيه هنا أيضاً أن القبض الذي يحصل هنا في هذه العقود المتلاحقة هو قبض لا يترتب عليه أثر من آثار القبض الحكمي، ذلك أن القبض الحكمي يلزمه تملك السلعة وإمكان حيازتها حيازة حقيقية أي إمكانية تسلمها وأخذها من مخازنها، لكن هذا الأمر مستحيل عملياً في السلع الدولية أو أقرب إلى الاستحالة وذلك لثلاثة أمور:
الأول: أن استلام السلع من مخازنها لا يتم إلا بالإيصالات الأصلية وشهادات التخزين، والمصارف الإسلامية لا تتسلمها، وإنما هي قيود على الحواسيب كما أشرت.
الثاني: لا يستطيع أي شخص استلام هذه الشهادات والإيصالات، ويقتصر استلامها على من يملك التعامل مع هذه البورصات، والمصارف الإسلامية والعملاء لا يتعاملون مع هذه البورصات في الغالب وإنما يتم توكيل أحد السماسرة.
الثالث: أن المصارف الإسلامية تبيع المعدن على العملاء وفق احتياجاتهم للسيولة، فيتجزأ بيع المعدن عليهم وفق احتياج كل عميل، وهذه الإيصالات لا تتجزأ، مما يلزم عدم إمكان تسلم العميل للسلعة المباعة.
وبناء على ذلك فإن القبض الحكمي هنا لا يحقق إمكانية حيازة السلعة المباعة والتصرف فيها.
ثانياً: توكيل العميل المصرف في إجراء عملية التورق
واقع الحال أن العميل لا يتواجد عند إجراء كل هذه العقود المتلاحقة في عملية التورق بل يكفي لذلك أن يعقد عقد مرابحة للآمر بالشراء ويوكل العميلُ المصرفَ في بيع السلعة له بعد أن يشتريها المصرف مرابحة ويوكله أيضاً في البيع بعد ذلك نقداً، ويوكله أيضاً في قبض السلعة وثمنها.
وفي المقابل يقوم المصرف -في السلع الدولية- بتوكيل السمسار بشراء السلعة لحساب المصرف وقبضها، ويقوم أيضاً بتوكيله في بيع السلعة المملوكة للعميل وقبض ثمنها، أي وكالة على الوكالة، فيكون الوكيل النهائي للعميل السمسار لا المصرف، وهو الذي يُجري عمليات التورق الخارجية نيابة عن المصرف والعميل.
وفي بعض صور التورق يقوم العميل بتوكيل المصرف بإجراء عملية التورق تلقائياً متى احتاج العميل إلى سيولة نقدية دون الرجوع إلى العميل وطلب موافقته على التورق، أي أن المصرف يقوم بتغطية حساب العميل كلما وجد انكشافاً فيه وفق برنامج التورق، ويتحقق ذلك في بطاقة الائتمان التي تقوم على التورق كما سأبينها لاحقاً عند عرض صور مستحدثة للتورق.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن بعض المصارف لا تلزم العميل بتوكيل المصرف في بيع السلعة بعد أن يتملكها العميل، بل تجعل له الخيار، فإن شاء وكل المصرف وإن شاء وكل غيره وإن شاء قبضها وتصرف بالسلعة بما يشاء(16)، وهذه الخيارات متصورة في السلع المحلية أما في السلع الدولية فلا أظن أن ذلك ممكن، إذ إن قبض السلع الدولية متعذر على المصارف فضلاً على أن يكون ذلك للعملاء كما سبق الإشارة إليه، أما أن يوكل غير المصرف في بيع السلعة الدولية فهو متعذر أيضاً عملياً إلا لمن عرف وسائل الدخول والتعامل مع السماسرة في الأسواق الدولية.
ثالثاً: التورق عن طريق السلع المحلية
قلما تعتمد المصارف الإسلامية على السلع المحلية في إجراء عمليات التورق نظراً لما يلزمه من إجراءات تطول أحياناً أو لا تتسم بالسهولة خصوصاً في قبض السلعة وبيعها لاحقاً، ومن هذه السلع السيارات والحبوب والزيوت والإسمنت والأسهم المحلية وغير ذلك من السلع، إلا أن عمليات التورق بالسلع المحلية ازدادت في المصارف الإسلامية في الفترة الأخيرة وعلى وجه الخصوص في بعض المصارف الإسلامية الخليجية نظراً لظهور فتاوى تحرم التورق عن طريق السلع الدولية وتبيحها فقط في السلع المحلية، وسأبين مستند هذه الفتاوى في المبحث الثالث.
رابعاً: تطبيقات أخرى للتورق
ما سبق بيانه من عمليات التورق هو عبارة عن أداة تمويلية تقدمها المصارف الإسلامية لعملائها الذين يرغبون في الحصول على سيولة نقدية، إلا أن المصارف الإسلامية ابتكرت وسائل أخرى للاستفادة من التورق المصرفي، وأورد هنا مجموعة من الابتكارات المصرفية في استخدام التورق وهي ثلاث ابتكارات وبيانها على النحو الآتي:
1. التورق لتمكين العملاء من تسديد مديونياتهم لدى المصارف التقليدية
أوجدت بعض المصارف الخليجية وسيلة لاجتذاب بعض العملاء الذين تراكمت عليهم الديون والالتزامات المالية للمصارف الربوية وكبّلتهم الفوائد المركبة، وهي عبارة عن قلب الدين من قرض ربوي إلى قرض نشأ عن طريق التورق، أما طريقته فهي طريقة التورق السابقة نفسها إلا أن الغاية منها تسديد العميل ما عليه من قرض ربوي إلى المصرف التقليدي، ليصبح العميل مديناً لجهة أخرى وهي المصرف الإسلامي(17).
وقد أوجد هذه الطريقة مصرف تقليدي يفتح نافذة إسلامية، وذُكر أن الغاية منها أن من اقترض بربا محرم وأراد التوبة والرجوع إلى الله تعالى، أو لا يملك سداد ما عليه للمصرف الربوي ويخشى الفوائد المركبة يملك أن يتحول إلى الاقتراض من النافذة الإسلامية ويسدد ما عليه من التزامات، ليكون مدينا مرة أخرى لهذا النافذة عن طريق برنامج التورق لكن بطريق شرعي، وهذه الطريقة وافقت عليها هيئات الرقابة الشرعية لتلك النوافذ الإسلامية.
2. تغطية بطاقات الائتمان عن طريق التورق
ابتكرت المصارف الإسلامية طريقة جديدة لجذب المزيد من العملاء الذين يتعاملون ببطاقات الاعتماد الشهرية، فربطتها بعمليات التورق في حالة عدم قدرة العميل على السداد في نهاية الشهر، حيث يتمكن العميل من استخدام البطاقة وإرسال فواتيرها إلى المصرف وإن لم يكن في حسابه ما يغطي تلك الفواتير أو لا يكون لديه القدرة على السداد في نهاية الشهر، فإذا حل الأجل وهو نهاية الشهر ولم يقدر العميل على السداد في الموعد المحدد يقوم المصرف بإجراء عملية التورق ويثبت المبلغ المتحصل من عملية التورق في حساب العميل ويخصم منه قيمة الفواتير المستحقة ويلتزم العميل بسداد الأقساط الشهرية المترتبة عليه من عملية التورق، وإذا ما استخدم العميل البطاقة مرة أخرى في الشهر التالي وترتب عليه دين جديد في ذمته للمصرف ولم يوفه في نهاية الشهر يقوم المصرف مرة أخرى بالتورق لحساب العميل وهكذا الحال في كل شهر حتى يصل العميل إلى الحد الأعلى المسموح به لاستخدام البطاقة(18).
3. التورق في جانب الخصوم أو التورق العكسي
ابتكرت بعض المصارف الإسلامية طريقة جديدة للاستفادة من التورق في العمل المصرفي وقد عرف لاحقاً بالتورق العكسي أو التورق في جانب الخصوم، وسبب تسميته بذلك أن ما سبق بيانه من التورق هو تورق مباشر ويكون في جانب الأصول من المراكز المالية للمصارف، وبمعنى آخر فإن التورق السابق بيانه يكون العملاء هم المتورقين رغبة منهم في الحصول على السيولة النقدية فيكونوا مدينين ويكون المصرف في المقابل دائناً، لذلك سمي بالتورق المباشر أو التورق في جانب الأصول.
أما الأسلوب الجديد فهو التورق العكسي أو التورق في جانب الخصوم ويستخدمه المصرف مع العملاء المودعين أموالهم فيه سواء بالحساب الجاري أو حسابات الاستثمار، فتعامل المصرف مع أموالهم بالتورق العكسي، محاولة منه لجذب أموال المودعين لما في ذلك من تجنب كبير لمخاطر الاستثمار، وإعطائهم نسبة من الأرباح تكاد تكون مضمونة.
وقد كانت المصارف الإسلامية تستثمر أموال المودعين وخصوصاً حسابات الاستثمار بأسلوب المضاربة، فيكون للمودعين نسبة محددة من الربح، وهذا الأمر لم يكن يتيح للمصارف تقديم ضمان لهذه الأموال -تقريباً- حتى لا تقع في الحرمة الشرعية، ومع ظهور فكرة التورق العكسي بدأت المصارف تتجه نحو التعامل مع أموال المودعين بطريقة التورق، حيث يكون المصرف متورقاً، فيشتري السلعةَ لأصحاب الودائع بطريق الوكالة نقداً يأخذ ثمنها من أموالهم المودعة لديه، ثم يشتريها منهم بأجل مع زيادة نسبة من الربح لهم (تعادل نسبة الفائدة المعطاة عادة في المصارف التقليدية لحسابات الإيداع) ثم يبيع السلعة نقداً باعتباره مالكاً للسلعة، وبعدها يدفع لأصحاب الودائع أموالهم مع تلك الزيادة في مدة يتم الاتفاق عليها، وإذا أراد العميل الحصول على ماله المودع في المصرف قبل حلول الأجل فإن المصرف يفرض عليه خصم الربح أو جزئه تخريجاً على مسألة (ضع وتعجل) التي أباحها بعض الفقهاء(19).
وتجري هذه العملية بين المصرف والعميل المودع من خلال مجموعة من العقود المركبة أو من خلال عقد واحد شامل لجميع الإجراءات المطلوبة(20).
خامساً: التوسع في عمليات التورق
تعتمد المصارف الإسلامية على عمليات التورق بصورة تكاد تغطي عمليات توظيف واستثمار الأموال، حتى إن التورق تخطى صيغة المرابحة للآمر بالشراء التي كانت هي بدورها طاغية على وسائل التمويل في المصارف الإسلامية.
وتتعمد المصارف الإسلامية عدم الإفصاح عن نسب عمليات التورق من عمليات التمويل والاستثمار، وتسعى دائما للحيلولة دون الكشف عن النسب الحقيقية حيث تدمج صيغ التمويل والاستثمار دفعة واحدة تحت اسم مضاربات ومشاركات ومرابحات وتورق فلا تظهر النسب الحقيقية لكل منها، ورغم هذا التكتم إلا أن كثيراً من المراقبين للعمل المصرفي الإسلامي أشاروا إلى حقيقة مؤكدة وهي أن عمليات التورق تغطي الجانب الأكبر، وإذا ما أضيف إليها المرابحة للآمر بالشراء فإن النسبة تتجاوز قطعاً 90% من عمليات التمويل(21).
وبهذا أكون قد أكملت عناصر تصوير التورق المصرفي وأشرع الآن في المبحث الثالث والأخير لأبين الحكم الشرعي للتورق المصرفي.
المبحث الثالث: حكم التورق المصرفي:
إن التورق الفقهي العادي جائز عند الجمهور الأعظم من الفقهاء، وقد وافق المجمع الفقهي الإسلامي على هذا الحكم كما سبق بيانه، أما التورق المصرفي المنظم فهو يختلف في حقيقته ومضمونه عن التورق الفقهي، فهو نشاط مؤسسي يقوم على إجراءات مقننة وصيغاً مقررة، ومنظومة تعاقدية مترابطة كما سبق بيان ذلك في المبحث الثاني، لذا كانت حقيقتهما مختلفة اختلافاً كبيراً، فهل لهذا الاختلاف تأثير في الحكم؟.
اختلف الفقهاء المعاصرون والاقتصاديون الإسلاميون في حكم التورق المصرفي، وقد وجدت آراءهم تنحصر في اتجاهين رئيسين وهما على النحو الآتي:
الأول: اتجاه يبيح التورق المصرفي المنظم وفق الضوابط الشرعية.
الثاني: اتجاه يحرم التورق المصرفي.
الاتجاه الأول: القائلون بالإباحة
ذهب بعض المعاصرين إلى إباحة التورق الفقهي، وقد استدلوا لذلك بأدلة تقوم في مجملها على ثلاثة أدلة أوردها على النحو الآتي:
الدليل الأول: الأصل اعتبار الظاهر من العقود التي اتخذت صورة العقد الصحيح، وفي المقابل عدم اعتبار نية العاقد والباعث على العقد. والتورق عبارة عن مجموعة عقود صحيحة شرعية متتابعة إذ هو عقد بيع نسيئة صحيح، ثم بيعه مرة أخرى لغير بائعه الأول يتخللهما عقود وكالة، وهما عقدان صحيحان شرعيان فلا يضر تتابعهما، وهذا الأصل مقرر بنصوص صحيحة ثابتة، منها ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّه،ِ إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَا تَفْعَلْ بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا"(22)، فأرشد النبي  عامله إلى حيلة يتفادى بها الوقوع في الربا الصريح، فالعبرة كانت بصورة العقد الصحيحة ولا أثر لنية العاقد والباعث عليه.
وهذا الأصل مقرر عند الإمام الشافعي ومعتبر عنده في كل أبواب الفقه حتى غدت هذه القاعدة سمة بارزة في مذهب الشافعية كله، وهذا الأمر أكده الإمام الشافعي نفسه بقوله: "لا يفسد عقد أبداً إلا بالعقد نفسه لا يفسد بشيء تقدمه ولا تأخره ولا بتوهم ولا بأغلب, وكذلك كل شيء لا تفسده إلا بعقده، ولا نفسد البيوع بأن يقول هذه ذريعة وهذه نية سوء، ولو جاز أن نبطل من البيوع بأن يقال متى خالف أن تكون ذريعة إلى الذي لا يحل كان أن يكون اليقين من البيوع بعقد ما لا يحل أولى أن يرد به من الظن"(23).
الدليل الثاني: يتوافق التورق المصرفي -من حيث الشكل- مع صورة التورق الفقهي العادي الذي أجازه الجمهور الأعظم من الفقهاء والمذاهب الفقهية الأربعة، وهذا التوافق متحقق في أمرين:
الأول: أن غاية التورق الفقهي تحقيق السيولة النقدية للمتورق فكانت السلعة فيه غير مبتغاة، بل هي وسيلة وحيلة يتفادى بها المتورق الوقوع في الربا، وهذا الأمر نفسه موجود في التورق المصرفي.
الثاني: وجود ثلاثة أطراف في كلٍ من التورق الفقهي والتورق المصرفي، فالمشتري النهائي غير البائع الأول، وهذا الأمر فارق بين العينة والتورق الفقهي، حيث كانت العينة محرمة لكون البائع نسيئة اشترى السلعة نقداً مرة أخرى، بخلاف التورق الفقهي حيث كان المشترى النهائي غير بائع السلعة نسيئة، وهذا الأمر متحقق في التورق المصرفي، حيث يشتري السلعة غير المصرف الذي باع السلعة نسيئة للمتورق.
الدليل الثالث: حاجة الناس المعاصرة إلى السيولة النقدية، وهي حاجة ملحة تقتضي توفير متطلبات السوق والعمل والإنتاج من رأس المال والسيولة النقدية، إضافة إلى متطلبات استهلاكية ضرورية ما عاد كثير من الناس في غنى عنها نظراً لمتطلبات الحياة المعاصرة المعقدة، وهذه الحاجة ألجأت كثيراً من المسلمين إلى الاقتراض الربوي، فجاء التورق المصرفي بديلاً شرعياً محققاً منافسة قوية للقروض الربوية(24).
وقد استند فريق من المعاصرين على هذه الأدلة للذهاب إلى إباحة التورق المصرفي، إلا أنهم اشترطوا في ذلك شروطاً، وهي على النحو الآتي:
الشرط الأول: أن يكون المصرف مالكاً للسلعة قبل بيعها للعميل نسيئة(25).
الشرط الثاني: أن لا يبيع العميل (المشتري) السلعة إلا بعد قبضها، ورغم اشتراطهم هذا الشرط إلا أنهم نبهوا على أمرين:
أولاً: يقوم القبض الحكمي مقام القبض الحقيقي وخصوصاً في السلع الدولية، حيث لا يكون القبض فيها قبضاً حقيقياً بل يكون ذلك عن طريق شهادات التخزين، وفي حقيقة الأمر لا يكون ذلك إلا قيوداً في الحواسيب كما أشرت إلى ذلك، ومع ذلك فإنهم يعدون ذلك قبضاً حكمياً صحيحاً؛ لأن السلعة معينة تعييناً واضحاً، إذ يدون في شهادة التخزين مواصفات المعدن من الكمية ورقم الصنف ومكان تواجده، وهذا كاف في تحديده واعتباره قبضاً معتبراً شرعاً، فجاز بيعه بناء على شهادة التخزين، أو ثبوت ملكية العميل للسلعة في قيود الحواسيب(26).
لكن بعض القائلين بجواز التورق المصرفي ذهبوا إلى تحريم التورق بالسلع الدولية من المعادن، لعدم تحقق القبض الشرعي الصحيح في عملية التورق، فالقبض صوري إلى درجة انتفائه حقيقة، وما يُذكر من تعيين السلعة بأوصاف تحددها شهادة التخزين، فقد أجابوا عن ذلك بأن ذلك لا يتحقق من وجوه، منها: عدم استلام العميل وحتى المصرف لهذه الشهادات بل هي قيود ترد في الحواسيب، والعميل المشتري لا يطلع عليها، فلا يعرف ما اشتراه حقيقة، ومن ذلك أيضاً أن المصرف -في كثير من الأحيان- لا يبيع المعدن المسجل في شهادة التخزين لعميل واحد، بل يبيعه مجزأ للعملاء وفق احتياجاتهم من السيولة النقدية، فيجزأ بيعها لهم من غير تعيين الجزء المباع لكل عميل، مع ملاحظة أن المصرف لا يمكنه تجزئة المعدن لكون المعدن يباع وحدة كاملة كما هو مدون في شهادة التخزين، فالإيصال لا يتجزأ، أما التجزئة فتحقق في سجلات المصرف فقط، ويلزم من ذلك أن يكون المبيع غير معين، وبذلك تنتفي صحة القبض الحكمي في السلع الدولية من المعادن.
وقد انتشرت هذه الفتوى في الوقت الحاضر مما اضطر بعض المصارف الإسلامية إلى حصر التورق في السلع المحلية، وأعلنت عن برامج تورقٍ تنحصر عملياته في السلع المحلية، وهذا ما قامت به بعض المصارف الإسلامية الخليجية.
ثانياً: يجوز أن يوكل العميلُ المصرفَ بقبض السلعة، رغم أن المصرف بائع له إياها مستندين في ذلك على قول بعض المذاهب التي أجازت أن يوكل المشتري البائعَ بقبض السلعة، وهذا جار أيضاً في السلع الدولية، حيث يوكل العميلُ المصرفَ في قبض المعدن قبضاً حكمياً، فيقوم المصرف بتعيين السلعة ويكون هذا قبضاً حكمياً في حق العميل؛ لأن المصرف وكيل عن العميل، لكن هذا يزيد من صورية القبض الحاصل في المعادن الدولية، فكان ذلك مستنداً إضافياً لمنع التورق في السلع الدولية عند القائلين بحصر إباحة التورق المصرفي في السلع المحلية.
الشرط الثالث: أن لا يبيع العميل (المشتري) السلعة على المصرف (البائع)؛ لأن في ذلك تحقيق لصورة العينة المحرمة شرعاً عند جمهور الفقهاء.
الشرط الرابع: أن لا تكون السلعة ذهباً أو فضة؛ لأن في ذلك تحقيق للربا، حيث إن مبادلة الذهب والفضة بالأوراق النقدية يشترط فيها الحلول وعدم جواز تأجيل أحد العوضين.
الشرط الخامس: أن يكون الأجل في بيع النسيئة معلوماً.
الشرط السادس: أن تكون السلعة معلومة الوصف وخصوصاً في السلع الدولية من المعادن؛ لأن قبضها يكون قبضاً حكمياً بناء على الوصف المعيِّن.
الشرط السابع: أن يبيع العميل السلعة نقداً؛ لأن بيعها مؤجلاً يفضي إلى بيع الدين بالدين وهو منهي عنه(27).
الاتجاه الثاني: القائلون بالحرمة
ذهب كثير من المعاصرين إلى حرمة التورق المصرفي، وهذا المذهب هو الاتجاه السائد عند أكثر الفقهاء المعاصرين والاقتصاديين الإسلاميين، وقد استند هؤلاء إلى مجموعة من الأدلة أوردها على النحو الآتي:
الدليل الأول: التحاق التورق المصرفي بالعينة وشبهه بها دون التورق الفقهي، حيث إن العينة حرمت لما فيها من تحايل البائع بالنسيئة على تحريم الشارع للربا، فكان قصده الحصول على الزيادة الربوية بصورة مشروعة فباع السلعة نسيئة بثمن أعلى من سعرها الذي اشتراها به نقداً، فكانت الزيادة في نظير الزمن، والسلعة عنده صورية غير مبتغاة، وكذا الحال في التورق المصرفي، فإن المصرف تحايل على تحريم الشارع للربا باتخاذه صورة عقود صحيحة متتابعة، ورغم اختلاف التورق المصرفي عن العينة من حيث افتراق المشتري النهائي، حيث كان المشتري النهائي في العينة هو البائع الأول بخلاف التورق المصرفي فإن المشتري النهائي هو طرف ثالث، إلا أن ذلك لا يلغي تحقق علة التحريم، فعلة تحريم العينة موجودة في التورق المصرفي وهو اتخاذ البائع الأول صورة عقود مشروعة للوصول إلى الزيادة الربوية سواء أكان ذلك بنفسه حيث اشترى السلعة نقداً مرة أخرى أم ببيعها لطرف ثالث، فكان قصد الوصول إلى الزيادة الربوية بصورة مشروعة عند البائع (المصرف) علةَ التحريم، فحُرمت العينة لوجود هذه العلة كما حُرم التورق المصرفي لتحقق هذه العلة فيه أيضاً، ومن هنا نجد أن البائع في كلٍ من العينة والتورق المصرفي تمحض مقرضاً أراد التحايل لأخذ الزيادة الربوية.
أما التورق الفقهي العادي فإنه يختلف عن التورق المصرفي، ذلك أن التورق الفقهي لم يَحْرُم لعدم وجود قصد التحايل من قِبَل البائع، إذ إن العبرة بقصده دون قصد المتورق، فالبائع في التورق المصرفي تمحض مقرضاً أراد الزيادة الربوية، أما في التورق الفقهي فالبائع بقي على حاله ولم يخرج عن كونه بائعاً، أما قصد الحصول على السيولة النقدية عند المتورق فلم يكن المؤثر في التحريم ولو كانت السلعة عنده صورية غير مبتغاة، فتبين لنا من خلال ذلك أن التورق المصرفي يلتحق بالعينة ولا يلتحق بالتورق المصرفي ولو كان له شكل التورق الفقهي.
الدليل الثاني: اعتبار النية والقصد في العقود والتصرفات، وهذا مذهبٌ صريحٌ للمالكية والحنابلة، فالعبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني، فنية المتاجرة بالسلع غير موجودة في التورق المصرفي عند كلٍ من العميل والمصرف، بل القصد فيها الإقراض والاقتراض بزيادة ربوية، وهذا القصد المناقض لأحكام الشريعة كافٍ في إثبات حرمة التورق المصرفي.
ورغم أن الشافعية -في صريح مذهبهم- لا يعتدون بالمقاصد في العقود والتصرفات، وإنما على الظاهر منها وكذا الحنفية إلى حد كبير -كما هو معلوم ومشتهر عن هذين المذهبين- إلا أن ذلك لا ينطبق على التورق المصرفي؛ لأن قصد الربا منه ظاهر في العقود وموجود فيها، فلم يعد قصداً باطناً غير مؤثر في التحريم وفق مذهب الشافعية والحنفية، فالقصد الباطن في المذهبين غير مؤثر إذا لم يدل عليه تصريح في العقد أو قرينة واضحة كما هو الحال في بيع العينة، فقد ذكرت سابقاً أن الشافعية يبيحون العينة ما لم يظهر قصد الربا فإن ظهر كجريان العرف بها فإنها محرمة ويبطل العقد حينئذ.
وهذا الأمر متحقق في التورق المصرفي فإن قصد الربا واضح، ولا أدل عليه من جريان العرف به إلى حد القطع بقصد الربا، إضافة إلى التصريح اللفظي به في الإعلانات التسويقية لبرامج التورق، وإلى القرائن الكثيرة المحتفة بتلك العقود المتتابعة التي تنبئ عن قصد الإقراض والاقتراض بزيادة ربوية، ولذا لا تصح دعوى إباحة التورق المصرفي على مقتضى مذهب الشافعية الذين يبيحون العينة صراحة.
الدليل الثالث: إن النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً، وهذا أصل معمول به في كل المذاهب الفقهية في الجملة، وإن اختلفوا في تقديره في بعض الوقائع، فحكموا على كثير من التصرفات بناء على ما تؤول إليه من نتائج لا تتوافق مع حكمة التشريع، وتكاد تتفق كلمة الاقتصاديين الإسلاميين على وجود آثار سيئة للتورق المصرفي، ويمكن إجمالها على النحو الآتي:
1.التقارب الكبير بين كلٍ من التمويل بأسلوب التورق في المصارف الإسلامية وأسلوب التمويل الربوي في المصارف التقليدية، بحيث يصعب على المنصف إدراك الفارق بين الأسلوبين، فكلاهما قائم على إقراض النقد، ولا يختلفان إلا من حيث الإجراءات، وهذا بدوره يؤدي إلى التشكيك في تميز التمويل الإسلامي عن التمويل الربوي.
2.يشكل التمويل بأسلوب التورق المصرفي نسبة عالية من إجمالي حجم التمويل المصرفي الإسلامي، إذ ورد في بعض التقارير الصحفية عبر الانترنت أن حجمه بلغ 67% من إجمالي حجم التمويل المصرفي الإسلامي في المصارف والنوافذ الإسلامية في السعودية في عام 2006م، حيث تصاعدت وتيرته بشكل متسارع منذ بدايته، وتخطى صيغتي البيع بالتقسيط والمرابحة اللتين شكلتا 27% في نفس العام، بعد أن كانتا تشكلان 70% من إجمالي حجم التمويل في عام 2000م، وأزعم أن نسبة التورق المذكورة أي 67% قد ارتفعت ارتفاعاً كبيراً في السنوات اللاحقة. وهذا الأمر له دلالة خطيرة، فبعد احتساب النسب يتبين لنا أن حجم التمويل الاستثماري كالمشاركة والمضاربة والاستصناع وغيرها من صيغ التمويل الحقيقية التي تعود على الفرد والمجتمع بالنفع، وتحدث تنمية حقيقية لا يتجاوز 5%، وسبب ذلك يعود إلى ما في التورق والمرابحة من سهولة في الكسب وتجنب للمخاطر وضمان لأموال الودائع، أما التمويل الاستثماري فتتعامل المصارف الإسلامية به على استحياء، وتدفع بهذه النسبة المتدنية -التي تحاول إخفاءها- النقد الموجه إليها.
3.يعمل التورق المصرفي على تعميق الهوة وترسيخها بين المصارف الإسلامية وبين النظام الاقتصاد الإسلامي، إذ إن واقع المصارف الإسلامية لا يمثل حقيقة النظام الاقتصادي الإسلامي، ذلك أنها تعتمد على صيغ تمويل رأسمالية مصححة تصحيحاً شرعياً حيث تمت قولبتها قولبة شرعية كما هو الحال في التورق المصرفي، فالتورق في حقيقته متاجرة بالنقد، وهذا هو المأخذ عينه الذي نوجهه إلى النظام الرأسمالي، فإذا انتشر العمل بأسلوب التورق وغلب على صناعة الصيرفة الإسلامية -كما هو واقع الحال الآن- فإن المصارف الإسلامية تكون قد انتهجت نهجاً مخالفاً لحقيقة النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يدعو إلى التمويل بالمشاركة والتداول الفعلي للأموال والثروات، وأن يشترك الممول مع المستثمر في الأرباح والخسارة حتى لا يكون المال دولة بين الأغنياء، وعليه فإن اعتماد أسلوب التورق سيؤدي حتماً إلى انسلاخ المصارف الإسلامية عن تمثيل النظام الاقتصادي الإسلامي.
هذه هي مجمل أدلة القائلين بحرمة التورق المصرفي، وقد وافق المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي هذا القول، ونص في قراره بتاريخ 17/12/2003م على تحريم التورق المصرفي(28)، ومما جاء في القرار: "قيام المصرف بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة (ليست من الذهب أو الفضة) من أسواق السلع العالمية أو غيرها، على المستورق بثمن آجل، على أن يلتزم المصرف -إما بشرط في العقد أو بحكم العرف والعادة- بأن ينوب عنه في بيعها على مشترٍ آخر بثمن حاضر، وتسليم ثمنها للمستورق. وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس المجمع ما يلي:
أولاً: عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه في التمهيد، للأمور الآتية:
1.أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشترٍ آخر، أو ترتيب من يشترطها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعاً، سواء أكان الالتزام مشروطاً صراحة أم بحكم العرف والعادة المتبعة.
2.أن هذه المعاملة تؤدي في كثير م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التورق المصرفي وتطبيقاته في المصارف الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المعايير الشرعية والاقتصادية للتمويل في المصارف الإسلامية
» أسلوب التمويل والاستثمار بالمشاركة في النظام المصرفي الإسلامي
» معايير المحاسبة المالية الإسلامية
» الحوكمة في المؤسسات المالية الإسلامية
» موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
The Truth - Online الحقيقة أون لاين ... رؤية جديدة لتعرف أكثر :: منتدى المال ورجال الأعمال :: منتدى عالم المال ورجال الأعمال :: منتدى عالم المال ورجال الأعمال --:: للدخول من هنا:: ---
انتقل الى: